الأخبارمقالات

المغرب وملف الهجرة (بقلم: محمد سالم لعبيد)

سنة 2017 كتبت مقالا استقصائيا تحت عنوان “الوظيفة القذرة للخطوط الجوية الملكية: نقل المخدرات الى إفريقيا والمهاجرين الى المغرب”

آنذاك لم تكن الحرب قد استؤنفت، في الصحراء الغربية، ولم تكن العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب مقطوعة، وكان البعض يعتقد أن المقال محاولة لمهاجمة المغرب في إطار الحرب الإعلامية بيننا والمحتل المغربي، مع أن الكم الهائل من المهاجرين المتواجدين بالمغرب من سابع المستحيلات أن يكونوا قد عبروا نحوه لا عن طريق الجزائر ولا عن طريق الصحراء الغربية

اليوم ومنذ 13 نوفمبر 2020 عادت الحرب وأصبح من المستحيل عبور ولو مهاجر واحد عبر جدار الذل والعار، والحدود محكمة الإغلاق بين المغرب والجزائر، فمن أين يأتي المهاجرون الى المغرب يا ترى؟؟؟؟؟

الإجابة تجرنا مجددا للحديث عن الخطوط الجوية الملكية، وهو ما يعني دور الدولة المغربية في جلب المهاجرين ويؤكد أن الأمر كله مرتب ومنسق ومخطط له بإحكام من اجل أهداف واضحة ومحددة

فكما كنا قد أشرنا في المقال السابق فان الخطوط الجوية الملكية هي ملك للدولة المغربية وهي الخطوط الجوية تقريبا الوحيدة التي تغطي 37 بلدا إفريقيا رغم ارتفاع أسعار تذاكرها مما يعجل، وحسب دراسات ذاك الشركة، نسبة ملأ الطائرات المتوجهة نحو أفريقيا لا يتجاوز في أقصى الحالات 59 في المائة وأحيانا لا يتعدى 35 بالمائة؟ بل انه وحتى في قمة تفشي جائحة كورونا وتقلص عدد الرحلات حافظ الخطوط الجوية الملكية المغربية على انتظام رحلاتها ل30 نقطة من بين ال37 التي تغطيها

هذه المعطيات تؤكد الخلاصات التي استخلصناها في المقال السابق:

  • نقل المخدرات من المغرب الى الدول الأفريقية

-تبييض الأموال عبر فروع وافا بنك والبنك الشعبي الأخطبوط المالي للهولدينغ الملكي في أفريقيا

  • جلب المهاجرين الى المغرب

وما يهمنا في هذا المقال هو موضوع المهاجرين الأفارقة، خصوصا بعد مجزرة امليلية الأخيرة، لكن قبل ولتوضيح ذلك علينا ان نسجل بان موضوع الهجرة اصبح , وأساسا منذ 2014 ,تاريخ أول دعوى ترفعها جبهة البوليساريو أمام المحاكم الأوروبية ضد اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد والمغرب والتي تشمل الثروات الطبيعية للشعب الصحراوي اصبح بالنسبة للمغرب بالغ الأهمية ، لدرجة أن الملك شخصيا وبمناسبة ثورة الملك والشعب خلال سنة 2016، على أن المغرب يعد من بين “أول دول الجنوب التي اعتمدت سياسة تضامنية حقيقية لاستقبال المهاجرين من جنوب الصحراء وفق مقاربة إنسانية مندمجة تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم وأعرب عن اعتزازه “بما يقوم به المغرب في مجال استقبال وإدماج المهاجرين”.كما وجه الملك رسالة إلى المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة بمراكش الذي تمت المصادقة خلاله على الاتفاق العالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، يوم الاثنين 10 ديسمبر 2018.واعلن الملك سنة 2019 عما اسماه مبادرة المغرب تحت اسم “الإستراتيجية الإنسانية”، على اعتبار أنها تهدف إلى تعزيز حماية حقوق المهاجرين واللاجئين بالمغرب

كما أعلن المغرب عن إنشاء نظام وطني منسق لإحصاءات الهجرة واتخاذ تدابير استثنائية، لاسيما اعتماد القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب في المغرب والهجرة غير المشروعة، والمتعلق بالاتجار في البشر وتكفل ما يسمى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإعداد تقرير سنوي حول أوضاع المهاجرين واللاجئين بالمغرب اكد من خلال تقريره لسنة 2021 حول موضوع الهجرة أكد المغرب ان عدد المهاجرين الأفارقة بالمغرب وصل سنة 2021 أزيد من 40 ألف لاجئ أفريقي مقيمين بصفة غير شرعية علاوة على 25 الف تمت تسوية وضعيتهم الى جانب إعادته ل 28861 مهاجرا إلى بلدانهم الأصلية.وهوما يعني ان عدد المهاجرين سنة 2021 لوحدها وصل أزيد من 93861 مهاجرا إفريقيا دون عد اللاجئين الذين وحسب ما نشر ذات المجلس ونسبه الى المفوضية السامية للاجئين ,16308 اغلبهم من سوريا واليمن.

ومن الطبيعي هنا ان نتسأل:

فماذا يريد المهاجرين الأفارقة في المغرب؟؟؟وعما يبحثون؟؟؟

ولماذا يأتي المغرب بالمهاجرين؟؟؟

1-عما يبحث المهاجرين الأفارقة بالمغرب

فالمغرب في وضع لا يحسد عليه، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا: المرتبة 121 على سلم التنمية البشرية والمرتبة 102 في مؤشر السعادة العالمي والمرتبة 136 في حرية الصحافة ,اما البطالة في أوساط الشباب المغربي وأساسا الخريجين وحملة الشهادات العليا وصلت إلى 21.9 % في 2021 وتجاوز عدد العاطلين في المغرب 2.65 مليون عاطلا حسب الإحصائيات الرسمية للمملكة، نسبة الفقر تجاوزت لحد شهر مارس الماضي 22.4 في المائة ومعدل الهشاشة فاق 19.7 في المائة ويحتل المغرب المرتبة 117 من ضمن 195 بلدا فيما يتعلق بمؤشر الولوج إلى الخدمات الصحية وجودتها وضع اكثر سوء وتعقيد مما عليه دول الأغلبية من المهاجرين الأفارقة

ادن فالمهاجر الأفريقي عندما يأتي المغرب يعي جيدا ان شغلا ومعاشا لم يحصل عليه المغاربة أنفسهم لن يطعمه، خصوصا وان المغاربة يفرون من المغرب بكثافة ويشكلون اغلب المهاجرين الى أوروبا طلبا للجوء الإنساني والسياسي

خصوصا إن عرفنا أن اغلبيه المهاجرين الأفارقة الى المغرب هم من غينيا, ساحل العاج, السنغال, نيجيريا, التوغو, الكاميرون, الكابون و جنوب السودان ومنهم دولا افضل وضع بكثير من المغرب مثل الكاميرون التي تأتي متقدمة عن المغرب في لسم التنمية البشرية بأربع نقاط

كما ان المغرب يظل دولة مصدِّرة للمهاجرين من مواطنيه؛ حيث حوالي 10% من سكانه، مغتربين في مختلف بلدان العالم، و90% منهم بأوروبا

2 -لماذا يأتي المغرب بالمهاجرين

فعلى غرار ورقة المخدرات والإرهاب وملفات التجسس والمخابرات تعتبر ورقة الهجرة أحد اهم أوراق الابتزاز السياسي والمالي التي يعتمد عليها المغرب في تعامله مع الدول والمنظمات وأساسا الاتحاد الأوروبي

ففي ملف الهجرة رفض المغرب سنة 2014 مبادرة الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاق بخصوص عودة المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء. لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.

كما رفض المغرب في 19 مارس 2022 سعي الاتحاد الأوروبي لنشر قوات الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية “فرونتكس” على حدوده والتعاون في مجال الهجرة. وهي وكالة تطلع، بمهمة نشر حرس الحدود والسواحل، إلى جانب سفن دوريات وطائرات وسيارات دوريات وغيرها من المعدات للمساعدة في إدارة الحدود، وكذلك مساعدة السلطات الوطنية في تنظيم الحدود والمراقبة وتسجيل المهاجرين وجمع المعلومات عن الشبكات الإجرامية ومحاربة تزوير الوثائق وغيرها من الجرائم العابرة للحدود

ومقابل ذلك ومن اجل إضفاء نوع من الشرعية والجدية على الموضوع انتهج المغرب طريقتين أساسيتين

الأولى: الإصرار على أن تفتح مكاتب خاصة دولية لديه حيث حصل المغرب على:

  • مكتب للمنظمة الدولية للهجرة بحي اسويسي بالرباط
  • مكتب للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بنفس الحي الراقي بالرباط
  • افتتح الاتحاد الأفريقي في 10 ديسمبر 2020 المرصد الأفريقي للهجرة بالرباط

الثانية: تنظيم المؤتمرات والاجتماعات الدولية حول موضوع الهجرة بالمغرب او المشاركة فيها لتسويق ما يسميه تجربته الفريدة والرائدة والمتميزة في الملف وفي هذا الإطار:

-احتضن المؤتمر الدولي حول الهجرة بمدينة مراكش يومي 10 و11 يناير 2018،

-تراس إلى جانب ألمانيا، خلال سنتي 2017-2018، للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية الذي نظم بمراكش،

-احتضن ورشة دولية حول إشكاليات الهجرة في 19 أبريل 2019 بمدينة الصخيرات نزمها بالتعاون مه الحكومة الألمانية.

  • شارك 1 سبتمبر 2021، في المؤتمر الأول بين حكومي من أجل البحث الإقليمي بشأن تنفيذ الميثاق العالمي من أجل هجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة، المعتمد بمراكش في يناير 2018.
  • احتضن في 25 مارس 2022، الاجتماع الوزاري الأول للبلدان الرائدة فيفي تنفيذ الميثاق العالمي للهجرة

وعلى غرار أسلوبه في ملف المخدرات والإرهاب وفي اطار ما يسميه العمل الاستباقي اعلن المغرب انه بين 2014 و2022، عن:

-إحباط أكثر من 563121 محاولة للهجرة غير النظامية،

-تفكيك أكثر من 2045 شبكة تهريب البشر

-إنقاذ أكثر من 250505 مهاجرا في عرض البحر.

-إحباط 63 عملية اقتحام منها 59 على نطاق مدينة مليلية

ومن خلال هذه المناورة استطاع المغرب ان يحقق نتائج مالية وسياسية

أولا: ماليا

فمن أوروبا حصل المغرب على ازيد من 9 مليار أورو بين سنتي 2014 و2022

-سنة 2014 من الاتحاد الأوروبي على مبلغ 232 مليون أورو لدعمه من اجل حل ملف الجهرة بالمغرب

  • سنة 2015 أسس الاتحاد الأوروبي “الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل أفريقيا “وخصص له 9 مليارات أورو لدعم الدول الأفريقية من اجل مكافحة الهجرة حصل منها المغرب لوحده على 6.2 مليار أورو على حساب الدول الأخرى

-وخلال شهر يونيو 2018 دعمت المفوضية الأوروبية المغرب ب6,5 مليون أورو لمكافحة الهجرة

-وفي 18 ديسمبر 2018 الاتحاد الأوربي يدعم المغرب بـ 148 مليون يورو لمواجهة الهجرة السري

-وفي سنة 2019 قدمت المفوضية الأوروبية 140 مليون أورو للمغرب تحت غطاء دعم مكافحة الهجرة و130 مركبة

-وفي 11 نوفمبر 2020 إسبانيا تدعم المغرب بأزيد من 8.6 مليون أورو

-وفي فبراير 2022 الاتحاد الأوروبي يخصص 1.6 مليار أورو لدعم مشاريع تنموية بالمغرب

ومن أفريقيا حصل المغرب على:

  • تدشين عدة مشاريع اقتصادية في أفريقيا وتوسيع بنقاط وصول الخطوط الجوية الملكية لتسهيل نقل المخدرات والإتيان بالمهاجرين الى المغرب لتقوية سياسته الابتزازية الناجحة اتجاه أوروبا بالأساس
  • فتح الطريق أمام بنك الملك وافا بانك والبنك التابع له البنك الشعبي لتسهيل تبييض الأموال

ثانيا: سياسيا

  • الانضمام الى الاتحاد الأفريقي مطلع 2017 من اجل التأثير على موقفه من القضية الصحراوية
  • ابتزاز الدول الأفريقية لتفح قنصليات بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية
  • إرغام الحكومة الإسبانية على الاعتراف له بالسيادة بشكل علني ورسمي
  • تغييب القضية الصحراوية على مستوى الاتحاد الأوروبي وأساسا في نلف حقوق الإنسان
  • إرغام مفوضية الاتحاد الأوروبي على الطعن في قرارات محكمة العدل التابعة لها على الرغم من مساس ذلك بشرعية هيئاتها القضائية

ثالثا: الاستغلال داخليا

يمركز المغرب اغلبيه المهاجرين الأفارقة بمنطقتين أساسيتين

  • منطقة الريف وذلك من اجل التشويش على الوضع المتوتر بالمنطقة وتحضير المهاجرين للاعتداء على الحدود الأوروبية
  • بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية للتشويش على الوضع الأمني ولتجنيد بعضهم كمرتزقة في صفوف الجيش المغرب في إطار الحرب الدائرة بالمنطقة وأيضا لدعم المستوطنين المغاربة في تشديد الضغط على المناضلين الصحراويين.

ا(جريدة الصحراء الحرة)01/11