الأخبار

كلمة رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، في افتتاح ملتقى الأمناء والمحافظين

كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، في الذكرى السادسة والأربعين ليوم الشهداء، وافتتاح ملتقى الأمناء والمحافظين،
ولاية العيون، 9 يونيو 2022
بسم الله الرحمن الرحيم
مناضلات ومناضلو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب،
نفتتح هذه الطبعة من ملتقى الأمناء والمحافظين في يوم تاريخي خالد ومتميز. كيف لا ونحن نخلد يوم الشهداء، الذكرى السادسة والأربعين لاستشهاد مفجر الثورة وقائدها. وفي حضرة الشهداء لا يمكن إلا أن نستحضر بخشوع معاني الوفاء والإخلاص والتضحية والعطاء، بوقفة ترحم واحترام وإجلال على الأرواح الطاهرة الزكية لكل شهيدات وشهداء القضية الوطنية، من الشهيد الولي مصطفى السيد، مروراً بكل من سبقوه، وصولاً إلى كل من ساروا على دربه وما بدلوا تبديلاً، من أمثال الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز.
فتخليد ذكرى يوم الشهداء هو تبجيل وتقديس لفكرة العطاء والتضحية بالروح والدم والعرق من أجل أهداف نبيلة سامية، ليس أقلها حرية وكرامة وعزة وشرف شعبنا الأبي ووطننا المفدى. نحيي ذكرى أولئك الشهداء البررة الكرام ونتقاسم مع عائلاتهم ومع كل فرد من بنات وأبناء شعبنا الفخر والاعتزاز بهم وبالأمجاد التي صنعوها بتضحياتهم، وننقل إلى الأجيال المتلاحقة رسالتهم الخالدة وطتاريخهم المجيد الناصع، لنمضي جميعاً، بكل إخلاص ووفاء، على عهدهم ودربهم المنير، حتى انتزاع حقوقنا المشروعة في العيش الحر الكريم على كامل ترابنا الوطني.
إن تشريف الأمناء والمحافظين بتنظيم ملتقاهم في هذا اليوم لهو تأكيد على عناية مستحقة، ليس فقط لكونه من أبرز مقررات المؤتمر الخامس عشر للجبهة، ولكن بالنظر إلى محورية الدور الريادي الطلائعي الذي اضطلع ويجب أن يضطلع به هذا المكون في معركة الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال.
الأمناء والمحافظون هم القائمون على الفعل النضالي القيادي، من خلال قيامهم بمهام أساسية، سواء في الميدان مباشرة، على مختلف الواجهات والمستويات، أو من خلال التحريض والتوجيه والمتابعة والتقييم.
ولا شك أن مثل هذا الحمل الثقيل يقتضي، أولاً وقبل كل شيء، تلك الصلة الوثيقة وذلك التواصل الدائم مع القاعدة الشعبية،الوطنية والمناضلة، وخصوصاً مع وعبر عريفات وعراف التنظيم السياسي، في كل مواقع تواجدات الجسم الوطني الصحراوي، في الداخل كما في الخارج.
هذه المسلمة تقود بدورها إلى أن عمل الأمناء والمحافظين يتطلب أعلى درجات التحلي بالمسؤولية، وهي المسؤولية التي تجد قاعدتها في الانخراط الواعي والكامل، على أساس راسخ من الوطنية والإخلاص للشعب والوطن، وبقناعة متجذرة، في المشروع الوطني التحرري الوطني، في إطار الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، والالتزام والتقيد الصارم بمبادئها وأهدافها، بتنظيمها واستراتيجياتها وبرامجها.
إن عملنا جميعاً كمناضلات ومناضلين في الجبهة، بغض النظر عن تولينا مهام أو مناصب أو مسؤوليات، ليس ولا ينبغي له أن يكون محصورا بموقع معين، لأنه يندرج في سياق ثورة متأججة، الواجب فيها مقدس، شامل، متكامل ومتواصل.
غير أن ملتقى الأمناء والمحافظين يكتسي طابعاً خاصاً، على اعتبار أن هذا المكون هو نخبة التنظيم السياسي، والذي يشكل بدوره القلب النابض والخيط الناظم بالنسبة للجبهة كحركة تحرر وطني، وللدولة الصحراوية كخيار وطني، يجسدان إرادة وطموحات الشعب الصحراوي.
وكنتيجة، فإن قدرتنا على قيادة شعبنا نحو الانتصار وبلوغ أهدافه المشروعة مرتبطة كل الارتباط بقوة وصلابة وتماسك التنظيم السياسي، بجميع مكوناته وعلى جميع مستوياته، وبصورة خاصة على مستوى هذه النخبة القائدة، المجسدة في الأمناء والمحافظين.
ومن هنا تأتي أهمية عقد هذا الملتقى والمحاور التي سيركز عليها، لترسيخ مثل وقيم ثورتنا المظفرة، على غرار التأطير والخطاب وآليات عمل الفروع التنظيمية، ودورهافي تقوية هذا الصرح الوطني، إضافة إلى خطوات أخرى من قبيل تقييم ونقد التجربة التنظيمية الوطنية وتفعيل الرقابة الشعبية وغيرها.
لكن الثابت الأكيد أن العنصر الأساسي الأول في هذا المسار هو الإنسان الصحراوي عامة، والإطار بصفة خاصة. وإننا في يوم الشهداء مطالبون بالرجوع إلى ذلك المثل الأعلى، ذلك النبراس والنموذج الفريد الذي قدمه الشهداء عامة، وفي مقدمتهم القائد الولي مصطفى السيد.

لن تكفي الكلمات والكتابات، مهما كثرت وتعددت، لتنقل صورة متكاملة عن فكر وتجربة هذا الشهيد، كإنسان، كإطار وكقائد. إنه قدوة في الوطنية والإخلاص، في الفعالية في أي ميدان يخوض فيه، من جبهات القتال المحتدمة، مروراً بالإدارة والتسيير، وصولاً إلى التحليل العميق وتحديد الأولويات وربط العلاقات والتحالفات على الساحة الدبلوماسية. إنه مثال لكل الأمناء والمحافظين، لكل المناضلات والمناضلين، في نكران الذات، في الإيمان بالله وبالشعب والثقة في النصر الحتمي، في تحدي المستحيل ورفض الاستسلام، في الشجاعة والإقدام، ظل يتقدم الصفوف حتى سقط شهيداً، معززاً مكرماً، بطلاً وزعيماً، خلدته القدرة خادماً مخلصاً للجماهير.

الأمناء والمحافظون وكل مناضلات ومناضلي الجبهة مطالبون دائماً باستحضار تلك المثل وتلك القيم وتلك المميزات والصفات، من روح التضحية والعطاء والسخاء بأغلى شيء من أجل أغلى شيء، من التواضع والمثالية، من الجدية والالتزام والتواجد الميداني الدائم وفي مقدمة الصفوف، بالممارسة قبل الشعار، بالفعل قبل القول، بالتواصل مع القاعدة، بالتعبئة والتوجيه والتحريض، ولكن أيضاً بالسهر على مصالحها والتعاطي الإيجابي مع انشغالاتها.

مناضلات ومناضلو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب،

إن القضية الوطنية، ورغم المحاولات المحمومة لدولة الاحتلال، تحافظ على طبيعتها القانونية الدولية، بإصرار الشعب الصحراوي على انتزاع حقوقه المشروعة، وبكون الوجود المغربي في الصحراء الغربية هو وجود احتلال عسكري لا شرعي، وهو ما دعمته العدالة الإوروبية بإقرارها أن الصحراء الغربية والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان، فيما تكرس الجمهورية الصحراوية مكانتها كعضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي، وتعزز علاقاتها في مختلف قارات العالم.

إن تعاون الطرف الصحراوي مع جهود التسوية التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، لا يمكن أن يتم في ظل تنامي السياسات العدوانية الاستفزازية التي تقوم بها دولة الاحتلال المغربي، من قبيل القمعوالاستيطان والنهب المكثف للثروات الطبيعية في الصحراء الغربية.

ونشدد بالمناسبة على ضرورة أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها في تصفية الاستعمار من بلادنا، وحماية المواطنين الصحراويين العزل، من أمثال سلطانة خيا وعائلتها وكل بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال، بمن فيهم الأسرى المدنيون الصحراويون في السجون المغربية، وفي مقدمتهم أسود ملحمة اقديم إيزيك، من ممارسات التنكيل والتعذيب والترهيب والحصار والتضييق وشتى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها دولة الاحتلال المغربي.

إننا ننتظر من الاتحاد الإفريقي التحرك لحل النزاع القائم بين الجمهورية الصحراوية وجارتها المملكة المغربية، في سياق يحترم مبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وخاصة احترام الحدود الموروثة غداة الاستقلال.

وإذ نطالب الاتحاد الأوروبي عامة، وبشكل خاص فرنسا وإسبانيا، بضرورة احترام مقتضيات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات محكمة العدل الأوروبية، نذكر الدولة الإسبانية، باعتبارها القوة المستعمرة والمديرة قانوناً للصحراء الغربية، بمسؤوليتها السياسية، القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الصحراوي، والتي لا يمكن أن تسقط لا بالتقادم ولا بدعم سياسات التوسع والعدوان المغربية.

وبمناسبة يوم الشهداء، لا بد أن نتوجه بأصدق عبارات الشكر والتقدير والعرفان لكل الأشقاء والأصدقاء والحلفاء في العالم الذين وقفوا ويقفون مع كفاح شعبنا العادل، وفي مقدمتهم الجزائر الشقيقة، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، والتي تحتفل هذا العام بالذكرى الستين لاستقلالها، بعد أن قدمت للعالم أروع صور البطولة والصمود من أجل الحرية والكرامة، فهنيئا للجزائر بهذه المناسبة العظيمة.

مناضلات ومناضلو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب،

ومنذ 13 نوفمبر 2020 دخلت حربنا التحريرية مرحلة جديدة، يميزها استئناف الكفاح المسلح. وتنفيذاً لإرادة شعبنا، المعبر عنها في قرارات المؤتمر الخامس عشر للجبهة، عملت الأمانة الوطنية بشكل متدرج على تغيير التعاطي مع مسلسل التسوية الأممي الإفريقي، بعد بروز مساعي واضحة للانحراف به عن إطاره القانوني وتحويله، بتدخل سافر من قوى فاعلة، بما في ذلك على مستوى مجلس الأمن الدولي، إلى مجرد غطاء لتشريع الاحتلال المغربي لأجزاء من ترابنا الوطني.
وإن التطورات الميدانية اللاحقة قد أظهرت أن دولة الاحتلال المغربي قد قررت المضي في تعنت عبثي، ولا تتوان فيه عن الاستعانة بتحالفات جديدة، وتسهيل تدخل قوى وأجندات أجنبية، تشكل تهديداً داهما للسلم والاستقرار في كامل المنطقة. كما يجب أن نستحضر في الوقت نفسه التطورات الخطيرة أيضاً التي تشهدها الساحة الدولية، وخاصة بعد نشوب أزمة أوكرانيا.

هناك واقع وتوجه جديدان تفرضهما ضرورة الرد على التصعيد المغربي الخطير، بكل ما يتطلبه الأمر من استعداد ويقظة واستنفار، على جميع الجبهات، وفي المقدمة دعم قدرات جيش التحرير الشعبي الصحراوي، بشرياً ومادياً، وتصعيد وتطوير أساليب المقاومة في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، وتكثيف العمل الدبلوماسي والقضائي القانوني والإعلامي والثقافي.

وفي هذه المناسبة لا بد أن نتوجه بتحية حارة وخاصة إلى جيش التحرير الشعبي الصحراوي، صانع الأمجاد، حامي المكاسب الذي يتصدر اليوم مشهد المواجهة المحتدمةوالمتصاعدة، المتأهب لكل الاحتمالات، وكله عزم وإصرار على استكمال مهمة التحرير.

فعودة الكفاح المسلح يجب أن تجعلنا جميعاً، وبشكل خاص الأمناء والمحافظون والإطارات بصفة عامة، في مستوى التحديات والرهانات والمتطلبات التي تطرحها المرحلة الجديدة. يقع على عاتق هذه النخبة أن تمارس دورها الريادي في تعبئة وتوجيه الجماهير لترافق هذه التطورات.

إنها مسؤولية جسيمة، لا بد فيها من تحقيق نقلة نوعية في الذهنيات، ونبذ أية ممارسات تتعارض مع روح الثورة، مع مفهوم ودور حركة التحرير الوطني التي تعتمد أساساً على المبادئ والقيم والجانب المعنوي، قبل أية حسابات أخرى، وعلى العنصر البشري المؤمن، الواعي، الملتزم، المؤطر والمتفاني في تأدية الواجب الوطني.

لقد فرض علينا اللجوء إلى الكفاح المسلح اليوم، مثلما كان الأمر مطلع سبعينيات القرن الماضي. وكما في السابق، لا سبيل لنا اليوم إلا التحلي بروح التضحية والعطاء والاستبسال لرفع التحدي وصيانة وتعزيز المكاسب الوطنية، وتقوية وحماية الجبهة الداخلية، لتكون في مستوى الرد الحاسم على العدو ومؤامراته ودسائسه المتزايدة.

وفي ذكرى يوم الشهداء، نجدد جميعاً الوفاء لعهدهم وكلنا عزم وإصرار على المضي على دربهم المنير، في كنف الوحدة الوطنية الراسخة الشاملة لكل بنات وأبناء الشعب الصحراوي، أينما وجدوا، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وكلنا ثقة ويقين في النصر الحتمي، المتوج باستكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على كامل ترابها الوطني.

كل التوفيق والنجاح لملتقى الأمناء والمحافظين،

حرب التحرير، تضمنها الجماهير

كفاح، صمود وتضحية لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية

شكراً والسلام عليكم.