حول مشاورات مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة(بقلم: بلة لحبيب)
المشاورات غير الرسمية التي يجريها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مع الأطراف المعنية والمهتمة، وكذلك أصدقاء الصحراء الغربية ترتبط أساساً بالاحاطة التي سيقدمها لمجلس الأمن شهر أبريل الجاري.
ما زال دي مستورا فاقد البوصلة، و تبدو مهته في غاية التعقيد، لكن يحاول أن يتمسك بالتفاؤل الحذر، لأن المفاوض أو الوسيط لا ينبغي أن يفقد الأمل.
ترى الولايات المتحدة و بعض القوى الغربية ضرورة الإبقاء على الوسيط، حتى وإن كان دوره محدود، لأن ذلك يجعل الأطراف مرتبطة بمسار الأمم المتحدة. ونفس الشئ ينطبق على بعثة المينورسو.
مع ذلك، لا يحظى ديمستورا بتفويض كبير تجعل قدرته على الحركة و هامش المناورته أكبر. كما أن مقاربة بعض القوى الدولية مثل الولايات المتحدة لم تتغير بخصوص نزاع الصحراء الغربية سواءً في صياغتها لقرارات مجلس الأمن أو تعاملها عموماً مع النزاع بعد استىناف الكفاح المسلح.
على سبيل المثال، لم يتم إدانة إحتلال المغرب أراضي جديدة من الصحراء الغربية، وخرق إتفاق وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية ،و لم يسمح ل دي مستورا بزيارة المناطق المحتلة. كما أن الولايات المتحدة ما زالت تبقي على صيغة الطاولة المستديرة التي تعيق قدرة المبعوث على جمع الأطراف المعنية و المهتمة على طاولة المفاوضات.
لم تنضج الظروف بعد التي تسمح باختلال توازن القوى، وتفرض على القوى الغربية، خاصةً الولايات المتحدة الأمريكية أن تخرج من منطقة الراحة. وما زال المغرب يجد الغطاء لكي يناور ويتعنت، ويسعى إلى فرض إرادته السياسية المتمثلة في الحكم الذاتي.
من المعروف أن تغير موازين القوى هي التي دفعت إلى الخروج من خطة التسوية نحو اتفاق الإطار، وخطة بيكر الثانية و الحكم الذاتي و مقترح البوليساريو للاستفتاء في الصحراء الغربية أو حتى عرض مقترح التقسيم في وقت من الأوقات.
الأوضاع الجديدة في ظل استئناف الكفاح المسلح، وانهيار الأمر الواقع الذي كان موجوداً، بالإضافة قطع الجزائر العلاقات مع المغرب والتحولات الدولية الحالية، تصاحبها هي الأخرى تغيرات في موازين القوى. هذه العوامل تجعل الخروج من هذه الوضعية غير الطبيعية تتطلب شكل من أشكال التفاهم و التنازل للوصول إلى التسوية.
إحدى الإشكاليات التي تعترض طموحات الإحتلال المغربي هي عدم قدرته على شرعنة إحتلال للصحراء الغربية، ويخشى في ظل تغير موازين القوى التي لا تصب لصالحه، أن تفرض عليه تنازلات مرة. هذا ربما ما يفسر استماتته بعد 13 نوفمبر 2020 في مسابقة الزمن لمحاولة أن يجد دعماً أكبر لفرض حكماً ذاتياً.
الحقيقة أن فشل المغرب في فرض الحكم الذاتي في زمن السلم، يجعل محاولة فرضه في ظل الحرب والمتغيرات الجديدة من ضرب المستحيل. لقد ربح المغرب الكثير من الوقت بتوظيفه لورقة الحكم الذاتي، رغم أن المقترح فشل منذ البداية، لكن استئناف الكفاح المسلح أطلق عليه رصاصة الرحمة.
الأكيد أن المغرب سيظل يلوح بالحكم الذاتي، لكن المرحلة المقبلة تتطلب تنازلات أكبر للخروج من هذه الوضعية غير المستديمة.
لا شك أن ديمستورا يراقب الأحداث عن كثب، ومثلما سبق أن قال إن خبرته الطويلة في الأمم المتحدة علمته شيىئا واحد وذلك يكمن في معرفة لحظة النضج لإقتناص الفرص السياسية صوب التسوية.
بلقلم بلة لحبيب بريكة