الأخبارالمؤتمر السادس عشرمقالات

المؤتمر السادس عشر للجبهة .. الآمال والتحديات(بقلم: الديش محمد الصالح)

يعلق الشعب الصحراوي آمالا كبيرة على المؤتمر السادس عشر لرائدة كفاحه وممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، للخروج بقرارات تستجيب لمتطلبات مرحلة الحرب الثانية التي انطلقت شرارتها يوم 13 نوفمبر 2020.

ولذلك، فالمؤتمر هو فرصة سانحة لبحث المقومات الموضوعية والذاتية الكفيلة باستنهاض الجسم الوطني وانصهاره في بوتقة حسم معركتنا مع العدو. ولكي يكون النقاش هادفا، بناء ويفضي الى النتائج المرجوة، لابد من استحضار الظرفية والاستشعار بما تحمله من مخاطر على كفاحنا التحريري وبما تفرضه من تحديات داخليا وخارجيا، مع ابراز العوامل المساعدة على مستوى ذاتنا، حلفاءنا، عدونا والعالم. فلقد كان استئناف الكفاح المسلح ولازال ممرا اجباريا في هذه الظروف التي تتفاقم فيها مخاطر مخططات النظام المغربي، وبدعم من حلفائه واستقواء بقوى الشر والعدوان الصهيو-خليجي، للالتفاف على حقوق شعبنا المشروعة ومكاسبنا المحققة.

إن قرار إنهاء وقف إطلاق النار واستئناف الكفاح المسلح لم يأت من قبيل الصدفة، بل كان لزمانه ومكانه دلالات عميقة للتأكيد على أنه لا مفر من خوض المعركة المسلحة مع العدو من اجل صيانة حقوق شعبنا المشروعة ومكاسبنا وتغيير موازين القوة لصالحنا. فمن حيث الزمان، جاء القرار لوضع حد لحالة انتظار قاتلة ولسنوات من تراجع الارادة الدولية، الى حد التآمر، في اتمام مهمتها المتعلقة بتصفية الاستعمار من بلادنا، ولصد محاولات الانقلاب على الشرعية بهدف تحريف حل القضية ليتماشى مع منطق المصالح الجيو-سياسية، فعلى سبيل المثال لا الحصر قرار الرئيس الأمريكي الاسبق ترامب بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

اما من حيث المكان، فقد شكل القرار رفضا قاطعا من الشعب الصحراوي للمخططات التي لطالما راهن المحتل المغربي على تنفيذها في نهب ثروات ارضه، والتي لا تتوقف مآربه على فتح ثغرة غير شرعية في الكركرات لكي يضمن تدفق التجارة بين أوروبا والقارة السمراء واغراق هذه الاخيرة بالمخدرات فحسب، ولكن الهدف الأكبر يتعلق بمقايضة ثروات الصحراء الغربية مقابل دعم احتلاله لهذه الاخيرة، خاصة وأن تأمين السواحل الصحراوية، التي تحوي العديد من هذه الثروات، هي النقطة الحاسمة في نجاح هذه المخططات.

ويقابل هذه الأخطار عوامل ايجابية نخص منها على المستوى الداخلي؛ المكاسب الكبيرة المحققة على طريق التحرير الكامل لأرضنا، وعلى رأسها حقيقة الدولة الصحراوية التي لا رجعة فيها وتشبث شعبنا في كل مواقع تواجده بحقوقه المشروعة واستعداده اللامتناهي للتضحية من اجلها.

اما على المستوى الاقليمي، فان تبوأ الجزائر، باعتبارها حليفنا الاستراتيجي، لمكانة مرموقة في مصاف القوى المؤثرة اقتصاديا، سياسيا وعسكريا، جعل قواعد اللعبة الجيو-سياسية في منطقة شمال افريقيا تميل نحو التوازن، مما انعكس على التعاطي الدولي مع القضية الصحراوية بما يعيدها الى طبيعتها كقضية تصفية استعمار.

وبخصوص العدو، فإنه على صفيح ساخن بسبب تفاقم الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل هشاشة النظام بسبب غياب الملك، يضاف الى ذلك الحرب وما تسببه من اضرار وتكاليف وتداعيات المتغيرات الجيو-سياسية في المنطقة التي قلصت من أهمية المغرب.

 ودوليا؛ فان صراع الأقوياء على النفوذ يزداد احتداما، بحيث تنذر حرب أوكرانيا بنهاية نظام القطب الواحد واحلال محله نظام متعدد الاقطاب انطلاقا من الجغرافيا حسب اهميتها الاقتصادية وبما يضمن التوازن بين القوى الجديدة.

وانطلاقا مما سبق، كان علينا التكيف مع المرحلة الجديدة، بمعنى اتخاذ سلسلة من الإجراءات السريعة من اجل استنفار كل جبهاتنا وهياكلنا التنظيمية لتوظيف جميع طاقاتنا لخدمة ربح رهان هذه الحرب.

ولا شك أن الهبة الشعبية التي اعقبت الإعلان عن استئناف الكفاح المسلح وما تخللها من حماس جعل مئات الشباب يلتحق بجيش التحرير الشعبي الصحراوي، قد شكلت فرصة للطليعة لإحداث تعبئة شاملة للجسم الوطني.

لكن، وبالرغم من مرور سنتين على الحرب الثانية، لازال أداؤنا لا يرقى الى مستوى متطلبات الظرف نتيجة تأثره بمخلفات مرحلة اللاحرب واللاسلم، الامر الذي تقع المسؤولية في علاجه على عواتق المندوبين الى المؤتمر السادس عشر.

وإذا كنا نتطلع لان يخرج المؤتمر باستراتيجية من شأنها تحقيق النصر على المحتل المغربي، فلا بد ان ندرك ان العامل الحاسم في هذه الاستراتيجية يتوقف على قوة تأثير فعلنا في ساحة المعركة المسلحة وما يصاحبها من تصاعد للنضال داخل المناطق المحتلة وما نحققه من مكاسب دبلوماسية، بالإضافة إلى الارتقاء بأوضاع قواعدنا الخلفية.

والخطة وحدها لا تكفي إذا لم نختار لها أداة قادرة على تنفيذها، وهو ما نتمنى ان يتوفق فيه مندوبينا من المناضلات والمناضلين بعيدا عن الحسابات الضيقة.

إن قدرتنا على المواجهة تكمن في قدرة وشجاعة قيادتنا وطليعتنا على خلق أجواء الاستنفار واستجماع القوة الذاتية وتقوية لحمتها، توجيهها، تنظيمها وتوظيفها أحسن توظيف وقدرتها على الابداع في اساليب الحرب والنضال.

وفي هذا الإطار، يتوجب على مندوبينا ومندوباتنا مراعاة التحديث والتشبيب لمواكبة تطور المجتمع وبحثا عن الفعالية، خاصة ان الوقت قد حان لقطف ثمار مسيرة خمسين سنة من استثمار ثورتنا المجيدة في الإنسان الصحراوي بتمكين الشباب من لعب دور طلائعي في مسيرتنا الكفاحية.

ومن جهته، على شبابنا ان يبرهن انه خير خلف لخير سلف من خلال ضمان استمرار الكفاح والاصرار على تحقيق النصر مهما كلف ذلك من ثمن، مجسدا ذلك في الالتحاق بجيش التحرير الشعبي لتعزيز صفوفه وتطوير قدراته العلمية والقتالية.

جريدة الصحراء الحرة