الأخبارالافتتاحيةمقالات

بعد خمسين عاما على تأسيسهاكيف حافظت الجبهة الشعبية كتنظيم سياسي وطني على الانفراد بتمثيل الصحراويين(جريدة الصحراء الحرة)

منذ ما يناهز خمسين سنة ، وفي ظروف بالغة الصعوبة وفي ظل تآمر ‏أجنبي , وجد الشعب الصحراوي نفسه في ‏مواجهة مع المتربصين بقضيته والطامعين في أرضه وسط ضبابية الحرب الباردة انه مرغم على خوض الكفاح المسلح في وجه الاستعمار الاسباني ‏ومن بعده الاحتلال الأجنبي، عقب ما حدث من رد همجي على انتفاضة الزملة السلمية 17 يونيو 1970
فكان ميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ‏ووادي الذهب(جبهة البوليساريو) خلال مؤتمرها الأول الذي قرر تأسيس جناحيها العسكري والسياسي، متخذة من “العنف” المسلح وسيلة للمقارعة ‏وأداة للظفر بهدف الاستقلال والحرية للشعب الصحراوي والتخلص من ربق الاستعمار،كما هي تنظيم سياسي يقود ويؤطر الجماهير في ذات السياق ولنفس الهدف بحسب أدبياتها
حيث تبنت الجبهة الشعبية “خطاب الكفاح المسلح”، كما أوضحت في بيانها التأسيسي الصادر 10ماي 1973 بالقول انه إزاء تشبث الاستعمار بالمنطقة مسيطرا، فانها تتخذ من ” العنف الثوري والعمل المسلح وسيلة للوصول بالشعب الصحراوي العربي الإفريقي إلى الحرية الشاملة من الاستعمار الإسباني وضرب مؤامراته.” والذي جسدته في معركة الخنكة يوم 20 ماي 1973
فالجبهة الشعبية وبحسب قانونها الأساسي الصادر عن مؤتمرها 14 والذي دأبت على تزكيته في أدبياتها خلال 45 سنة هي ” حركة تحرير وطنية، وثمرة مقاومة صحراوية طويلة ضد مختلف أشكال الاحتلال الأجنبي، ينضوي في إطارها، على أساس طوعي وفردي، كل الصحراويين الذين يؤمنون بمبادئ ثورة 20 ماي ويلتزمون باحترام قانونها الأساسي وبتطبيق برنامج عملها الوطني في كفاحهم من أجل الاستقلال التام واسترجاع سيادة الشعب الصحراوي على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”
وهي كذلك “تنظيم سياسي وطني”، يقود الكفاح من خلال تأطير الشعب الصحراوي وتنظيم طاقاته وضمان وحدته وحماية مكاسبه وتذليل الصعاب في وجه مسيرته، ومواجهة الأخطار المحدقة به، ورسم الأهداف والآفاق من أجل تحقيق تطلعاته المشروعة في الحرية والاستقلال وبناء دولته المستقلة
الجبهة الشعبية التي تعقد مؤتمرها الخامس عشر “مشروع اجتماعي تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومحاربة كل أشكال التمييز القائمة على أساس العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.” وهي” تسهر على ضمان الاستفادة بالتساوي من الخدمات الاجتماعية الأساسية والحفاظ على التماسك الاجتماعي من خلال دعم الأسرة كمحتوى أخلاقي، ثقافي واجتماعي وديني.” بحسب ديباجة قانونها الاساسي الذي يشكل مرجعية رئيسية في ادبيات البوليساريو
والجبهة الشعبية حركة “ديمقراطية من حيث أساليب عملها واتخاذ قراراتها” تعمل باستمرار على بلورة أفكار وأراء كل فئات الشعب في إطار بنيات هيكلتها التنظيمية (مؤتمرا، ندوات، فروع، خلايا) وتضع على أساسها خطط العمل التي تخضع لمراجعة والتنقيح خلال كل 4 سنوات
وتحرص على “اشاعة وترسيخ مبادئها ومثلها” في الأجيال الصاعدة بهدف تجنيد القوة الشابة في معركتي التحرير والبناء، مع استقطاب الكفاءات الوطنية في التأطير واستثمارها لتقوية التنظيم والبناء المؤسساتي للدولة الصحراوية ولجبهة البوليساريو، بحسب مقتضيات ذات القانون
وتعتمد في مشروعها على “نبذ كل الممارسات” التي تهدف إلى بث التفرقة أو النيل من الثقة في مشروعها الوطني،وتحرص بقوة على عدم المساس ب”ثوابت وأهداف” ثورة الشعب الصحراوي وكفاحه، وكرامة المواطن وحرياته الأساسية.
الرقابة والمحاسبة تقويم للمناضلين
وفي أدبيات الجبهة الشعبية تنصيص على ” نبذ وردع” كل تصرف يمس من الملكية العامة وكل أشكال الفساد في المجتمع الصحراوي، بجانب “صيانة حقوق الإنسان والتصدي بصرامة لكل الممارسات الماسة بالكرامة الإنسانية”
وحددت الجبهة منذ تأسيسها مبادئ تشكل خريطة طريق لنهجها في “عملها الميداني في مواجهة الاستعمار والتحرير من قبيل “الكفاح المسلح” او “العنف الثوري” كما برز في أدبياتها الأولى ثم هناك أخرى متعلقة بالتقويم لمناضليها مثل “التضحية” بالروح والنفس والمال مع “الإيمان والتشبث بوحدة الشعب” والتحلي بمميزات “المسؤولية والسرية والصراحة البناءة، النقد والنقد الذاتي، المثالية، الأمانة، الإخلاص للوطن، الالتزام.” التي ينبغي لأطر ومناضلي الجبهة أن يتصفوا بها في ممارساتهم اليومية، كما أوضح أمينها السابق الشهيد محمد عبد العزيز في كلمته خلال إعطاء إشارة انطلاق سنة تخليد الذكرى الأربعين , يوم فاتح يناير 2013 من ولاية السمارة
وقد حدد ميثاق الجبهة (القانون الأساسي ) ثوابت لا يمكن التفريط فيها او التنازل عنها مثقال ذرة من قبيل ” ان الشعب هو مصدر السيادة والشرعية”،و” صيانة الوحدة الوطنية،و الكفاح من أجل الاستقلال الوطني والبناء، الوحدة الترابية للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية،و” صيانة قيم الشعب الصحراوي وحماية مقومات شخصيته الوطنية، واحترام الحريات الأساسية للإنسان المحددة في دستور الجمهورية
وتتخذ الجبهة الشعبية من التعريف بكفاح الشعب الصحراوي وتوسيع مجال التضامن العالمي معه، وتكريس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ك”حقيقة لا رجعة فيها لضمان الاستقرار والتوازن في المنطقة” بجانب مساندة ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ودعم الاتحاد الإفريقي في جهوده لتعزيز التكامل بين بلدان القارة، “أهدافا في إستراتيجية” العمل بحسب مقررات المؤتمر 14
كما تعمل الجبهة الشعبية على المساهمة في تحقيق وحدة مغرب عربي تتبوأ فيه الدولة الصحراوية مكانتها الطبيعية، و العمل على إقرار السلم والأمن الدوليين والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب العالم على أساس العدل والمساواة

‏‏ أسرة جريدة الصحراء الحرة , وبمناسبة مرور خمسين عاما على ميلاد الجبهة الشعبية ، تحاول طرق باب مهارات اتخاذ القرار التي تحتاج لشخصيات قادرة على القطع أو الفصل، أي تغليب أحد الجانبين على الآخر , وبالتالي عملية صنع القرار تحتاج لمهارات سلسلة الاستجابات الفردية أو الجماعية التي تنتهي باختيار البديل الأنسب في مواجهة موقف معين. فهي الاختيار الواعي بين البدائل المتاحة في موقف معين.
برنامج العمل الوطني الذي يخضع مع انعقاد كل مؤتمر للجبهة ، يخضع للتنقيح والمراجعة والتحديث ، سعى جاهدا إلى تكريس العناصر الأساسية التي يجب أن يتمتع بها المناضل , ولا سيما الاطار من مواجهة المشاكل , وكيفية اتخاذ قرار لحلها , فضلا عن قدراته الشخصية والفكرية والاجتماعية , وطريقة اختيار الحلول والبدائل المتاحة للمفاضلة، واختيار الأفضل لحل المشكلة, ومن هنا حدد القانون الأساسي للجبهة النتائج الإيجابية والسلبية المتوقعة للقرار على المدى القصير والبعيد.
المؤتمر أعلى سلطة
المؤتمر العام للجبهة الشعبية هو السيد الأول , وراسم الأهداف التي تحتاج لإطارات تصنع قرارات تحقيقها وهو الذي يحدد القرار وفق شروط معينة يصوغها المؤتمرون ولا ينبغي تجاوزها، وهذا يعني أن مرحلة اتخاذ القرار بالنسبة للجبهة الشعبية هي في الحقيقة عمل جماعي وبشكل ديمقراطي يمثل جانبا من عملية صنع القرار، فصنع القرار لا يعني اتخاذ القرار فحسب وإنما هو تنظيم أو عملية معقدة تتدخل فيها عوامل متعددة، تراعي تطورات القضية الوطنية .
انتخاب الأداة القادرة و المساهمة في صنع القرار
حاول برنامج العمل الوطني للجبهة الشعبية , الذي يحدث كل أربع سنوات (خلال كل مؤتمر ) أن يربط موضوع صنع واتخاذ القرار بالقيادة، التي يتم اختيارها عبر صناديق الاقتراع , باعتبار أن القيادة الجيدة هي في جزئها الأكبر عبارة عن قرار، كما أن صنع واتخاذ القرار الفردي والجماعي من أهم مستلزمات العمل القيادي، وبالتالي فإن النقد والنقد الذاتي كمبدأ من مبادئ الجبهة الشعبية , يسهم في تطوير مهارات الإطار .

(جريدة الصحراء الحرة)