الأخبار

نحن والعلاقات المغربية-التونسية من بورقيبة إلى قيس سعيد(بقلم: غالي زبير)

شيء من التاريخ
….
نحن والعلاقات المغربية-التونسية من بورقيبة إلى قيس سعيد.

مرت العلاقات المغربية -التونسية بموجات من المد والجزر حسب متغيرات السياسة التي تحكم العاصمتين وحسب مزاج الحكام في البلدين.

في عهد أول رئيس تونسي بعد الاستقلال شهدت علاقات تونس والمغرب تنائي وتداني، ففي الوقت الذي طالب فيه المغرب بضم موريتانيا كانت تونس اكبر معارض للسياسات المغربية واكبر داعم لاستقلال موريتانيا ولا ريب أن لفرنسا يد في ذلك الدعم، وقد كانت موريتانيا مسرحا للصراع بين اجهزة المخابرات المغربية والتونسية لسنوات كما يقول كليم ديجاريف صاحب كتاب “موسوعة المخابرات العالمية” الذي يضيف “كان عملاء اجهزة المخابرات التونسية الناشطون تحت إدارة سفارتهم بنواكشوط يقومون بتتبع وكشف وتحييد عملاء المخابرات المغربية في موريتانيا بالتعاون مع زملاىهم المحليين”.
ووصلت العلاقات المغربية -التونسية حد القطيعة عندما حملت تونس لواء حملة انضمام موريتانيا الى الأمم المتحدة في ظل معارضة شديدة من المغرب ولم تنته هذه القطيعة إلا بعد سنوات.
وكان الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة أول رئيس عربي يزور نواكشوط التي حظي فيها باستقبال شعبي ورسمي كبير طيلة أيام 16 و17 نوفمبر 1965 واستمع بحماس وهو يجلس تحت خيمة شعر الى جانب المخطار ولد داداه الى المطربين الموريتانيين ينشدون:
بورگيبة يا حبيب
الخير ألا فمجيك
ومنين تغيب يغيب.

ولكن مع ظهور الاطماع التوسعية المغربية في الصحراء الغربية ستحاول تونس بورقيبة الرسمية إرضاء المغرب والتكفير عن معارضتها ضمه لموريتانيا ؛ إذ انخرطت في حملة ديبلوماسية غير مسبوقة لدعم الغزو المغربي للصحراء الغربية واتفاقية التقسيم الخيانية وتعبيرا عن دعمه للمسيرة السوداء التي وجهها الحسن الثاني للتغطية على غزو الصحراء الغربية ارسل بورقيبة شحنات من الاكباش للمشاركين في للمسيرة احتفالا وتأييدا لهم، ولا يمكن تفسير الانقلاب البورقيبي من معارضة ضم موريتانيا الى تأييد ضم الصحراء الغربية رغم تشابه الحجج المغربية المزعومة في كلتا الحالتين، سوى باتباع البوصلة الفرنسية في سياسة بورقيبة المغاربية حينها.

مع انتهاء الحقبة البورقيبية اختار زين العابدين بن علي النأي بنفسه عن دعم المغرب بصورة سافرة كما كان يفعل بورقيبة الذي قال ذات مرة في بدايات الصراع ” إن تونس لا يمكن تعترف بمجموعة صغيرة من رعاة الغنم”، فكان رد الشاعر الصحراوي عليه:
صعدنا الجبال
سكنا القمم
لفضح من قال
رعاة الغنم.

ورغم إبتعاد زين العابدين عن نهج بورقيبة في الدعم الاعمى لسياسات الرباط في الصحراء الغربية فإنه ظل بعيدا بنفس المسافة عن دعم القضية الصحراوية.

ومع وصول منصف المرزوقي الى السلطة وجد المغرب شخصا مغربي الهوى في دفة الحكم غير أن حاجة تونس الخارجة لتوها من أتون المتغيرات التي أعقبت الربيع العربي للدعم السياسي والاقتصادية من جميع جيرانها جعل المرزوقي يؤجل الكشف عن موافقه السياسية من القضية الصحراوية حتى حين.

وفي عهد الرئيس قيس سعيد ارتمى النظام المغربي في أتون التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي كانت مقاومته محورا رئيسيا في البرنامج الانتخابي للرئيس التونسي الحالي، فساد الجفاء بينه وبين النظام المغربي المندفع في مسلسل التطبيع متعدد الجوانب مع اسرائيل في اختراق لم تعرفه المنطقة المغاربية في تاريخها.

واخيرا جاء استدعاء المغرب وتونس لسفرائهما ليظهر أن المسافة بين سياسات البلدين متباعدة، فالمبررات التي ساقها المغرب لاستدعاء سفيره واهية للغاية فعشرات الدول تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وتقيم معها علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء ثم أن المغرب حضر عدد كبير من القمم والتجمعات القارية جنبا الى جنب مع الجمهورية الصحراوية دون أن يعترض على الدول المضيفة لها.. فلماذا تونس بالتحديد دون غيرها؟