الأخباردوليامقالات

المغرب ؛ هل تخطئ رياح التغيير مجددا ؟(بقلم: محمد الفاروق)

المغرب ؛ هل تخطئ رياح التغيير مجددا ؟

قبل أيام، من هروب الرئيس السريلانكي من البلاد، وسيطرة المحتجين على القصر الرئاسي، وفي سياق بعث رسائل الاعتبار التحذيرية ، حاولت القنوات الرسمية المخزنية، تسليط الضوء على الوضع الاقتصادي، ومستوى أسعار المحروقات والمواد الغذائية في سريلانكا.

المشهد لا يخلو من السخرية، فحلول حكومة اخنوش ( قدرت ثروته 2021 حسب “فوربس” ب 2 مليار دولار، وجاء في المرتبة العاشرة عربيا، و 1664 عالميا في قائمة أغنياء العالم) اقتصرت على تحذير المغاربة من وضع مشابه، والقبول الضمني بالزيادات المتسارعة في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، ربما تجنبا لسقوط مشابه أيضا .

وعبر اخطبوط الهوليدينغ الملكي، بلغت ثروة “الملك المفترس “، الذي يحكم و يملك ، ولا يسائل ، 7.5 مليار دولار، وهو ما وضعه في المركز الخامس ضمن أغنى ملوك العالم خلال العام 2021، إذ تضاعفت خمس مرات منذ تتويجه ملكا على العرش صيف 1999.مع امتلاكه ل 12 قصرا في المغرب، بميزانية ضخمة تبلغ مليون دولار يوميا، من أموال المغاربة الفقراء ، وأكثر من 600 سيارة فاخرة، و 1100 خادم.

يعتبر المحللون، أن أزمة 2008 المالية، قد تعود بصورة أسوأ، وأن الوضع الاقتصادي العالمي، يدخل مرحلة حرجة، مع مآلات الحرب في أوكرانيا، و عدم التعافي الكلي من جائحة كورونا، مما ينذر بانهيار اقتصادات دول عديدة ..

يستورد المغرب كل احتياجاته من النفط الخام، وغالبية المنتجات البترولية التي يستهلكها من الخارج، كما استورد حوالي (2.6 مليون طن) من القمح في الخمسة أشهر الأولى من سنة 2022، والذي يبلغ ثمنه 51 دولار للقنطار عند وصوله للموانئ المغربية، مع ارتفاع أسعاره في السوق الدولية .

١. أرقام ومؤشرات

من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو في المغرب إلى 1.1% في عام 2022، وأن يرتفع عجز حساب المعاملات الجارية إلى 5.5% من إجمالي الناتج المحلي مع ارتفاع فواتير واردات الطاقة والمواد الغذائية. وحسب البنك الدولي، فمن المتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى 6.2% من إجمالي الناتج المحلي بسبب ارتفاع دعم أسعار غاز البوتان والدقيق وتكلفة إصلاحات الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية.

وعلى الرغم من استمرار احتواء التضخم طوال معظم عام 2021 (1.4% في المتوسط)، فقد ظهرت الضغوط السعرية “المستوردة” الناتجة عن ارتفاع تكاليف الواردات بنهاية العام، والتي تزداد حدة في عام 2022. ونتيجة لذلك، سجل مؤشر أسعار المستهلكين زيادة سنوية بنسبة 3.6% في فبراير 2022.
من المرجح أن يؤدي ارتفاع معدل التضخم إلى زيادة معدل الفقر بما يتراوح بين 1.1 و1.7 نقطة مئوية، ويرجع ذلك في معظمه إلى زيادة أسعار المواد غير المدعومة مثل الوقود. أما الدعم التنازلي، الذي تستفيد منه في العادة الأسر الميسورة، فسيؤدي إلى تدهور أوضاع المالية العمومية. وعلاوة على ذلك، ستزداد مستويات التفاوت وعدم المساواة مع ارتفاع مؤشر جيني من 39.5 إلى 39.7.

و يتوقع البنك الدولي أن يتراجع الإنتاج الفلاحي ليكون من مسببات تباطؤ النمو في إجمالي الناتج المحلي للبلاد عند 3.2% في عام 2022.

وسجل تقرير “إيريتاج فوندايشن” تراجع ترتيب المغرب خلال خمس سنوات (بين 2017 و2022) في العديد من مجالات الحريات الاقتصادية الرئيسية، منها: “حرية الاستثمار” (من 70.0 إلى 65.0 من أصل 100 نقطة)، و”حرية الأعمال” (من 67.7 إلى 64.8)، و”حرية التجارة” (من 84.0 إلى 68.4).

وارتفع معدل البطالة إلى 11.9% بنهاية عام 2020. وتطور الدين العام الذي يشمل الدين الداخلي والخارجي منذ 2019 من 59 مليار دولار إلى أكثر من 70 مليار دولار، حيث انتقلت من 64.8% من إجمالي الناتج الداخلي إلى 75.4%، وهي نسبة يرتقب أن تبلغ 77.8% في نهاية 2022.

و تبوأ المغرب المركز الـ87 عالمياً من أصل 180 دولة في مؤشر “مدركات الفساد”، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لسنة 2021، بحصوله على رصيد نقاط إجمالي قدره 39 نقطة. وارتفعت عدد قضايا الجرائم المالية وغسل الأموال في المغرب بشكل لافت من 700 قضية خلال 2020 إلى 1486 قضية خلال 2021.

٢.حرب الصحراء الغربية..
بعد الخرق المغربي المتعمد لوقف إطلاق النار في الگرگرات ( 13 نوفمبر 2020) ، وفي ظل غياب معطيات واضحة عن التكلفة المالية المخزنية للحرب ، فمن المتوقع ارتفاع تلك التكاليف إلى مستويات قياسية ، اذ تنتهج البوليساريو والجيش الصحراوي تكتيكات حرب استنزاف مكلفة ماديا. و تشير التقارير إلى أن نسبة الإنفاق العسكري في المغرب وصلت إلى 4,3% من الناتج المحلي خلال السنة الماضية. و ارتفع إنفاق المغرب إلى 5.4 مليار دولار.

قد يستحضر الجميع ، ما حدث في الثمانينيات من القرن الماضي ( وهي فترة الحرب الواسعة بين الجيش الصحراوي والمغربي) ، عندما قفزت الديون الخارجية من 12.9% من إجمالي الناتج الداخلي في 1974 إلى 43.8% في عام 1982.اذ أن تكلفة الإحتلال المغربي للصحراء الغربية، كانت باهظة ، و دائما تثقل كاهل الموازنة المخزنية ، رغم محاولات التعويض والدعم من لدن الحلفاء، مع محاولاتهم المتكررة ، لتجنب السقوط المغربي، بأي ثمن!!

بعد سريلانكا والارجنتين، و رغم مساعي البعض ، فالمغرب مرشح بقوة ليكون التالي، من بين حجارة الدومينو،مابعد حرب أوكرانيا، فالوضع والبيئة الاقتصادية في المغرب، شبيهان حد التطابق بما هي عليه في سريلانكا..

ثروة ملك الفقراء المتضاعفة باضطراد ، هو و رئيس حكومته، تقابلها أرقام مخيفة للوضع الاقتصادي الهش، في مغرب القروض الدولية بامتياز ( مليارات القروض و سط توقعات أن تقترض المملكة 6.6 مليار دولار، خلال سنة 2022، لسد العجز الكبير في الميزانية) . تزامنا مع ظروف معيشية متدهورة، يعيشها المواطن المغربي، في انتظار لحظة إعلان الإفلاس التي يؤكد الخبراء قربها .فمشهد القفز الجماعي لفقراء سريلانكا، في حمام السباحة الفخم للرئيس الهارب، قد يتكرر قريبا، في مغرب القصور الفارهة، و الحمامات الملكية الفخمة!!

بقلم: محمد الفاروق
………..
هوامش؛
تقرير البنك الدولي 2021.
التقرير السنوي لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام 2021 .
النشرة الإحصائية الفصلية المغربية المتعلقة بالدين الخارجي العمومي.
التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية.