الأخبار

أرياس نبارو و بيدرو سانشيز وجهان لعملة واحدة (الغدر)
بقلم: عبد الرحمن بدة

أرياس نبارو و بيدرو سانشيز وجهان لعملة واحدة (الغدر)
بقلم: عبد الرحمن بدة

في عام 1884، حط إميليو بونيلي بشواطئ الصحراء الغربية مع رتل من جنوده، فدخل الأرض مسالما بعيدا عن لغة السلاح الذي كان مستبعدا حينها بسبب قوة شكيمة المجاهدين الصحراويين الذين كان يعتبر التصدي لهم بمثابة المستحيل كونهم كانوا يعتبرون من أقوى الشعوب المحاربة بشمال إفريقيا.

و لتفادي الصدام، كان على الضابط البحار الإسباني اللجوء إلى خطة إستراتيجية تمحورت أساسا في إبرام اتفاقيات تجارية مع ملاك الأرض الأصليين ليمكث بينهم و على أرضهم الصحراء الغربية المقدسة لفترة معينة.

الصحراويون بحكم طيبتهم و طباعهم البدوية (الضيافة و السخاء)، فقد أغدقوا عليه بالكرم الجزيل و لم يبخلوا جهدا في ضيافته هو و من معه من جنود، بحيث تم إستقبالهم في الخيم الأصيلة بحليب النوق و تمر النخيل و الشأي الصحراوي اللذيذ.

و بعد أن كانت الجزر الكناري تمر بأزمة إقتصادية خانقة، شهدت خلال تلك الحقبة إزدهارا تنمويا و طفرة تجارية و إقتصادية متميزة جدا بفضل تنامي السوق المحلية بمختلف الثروات البحرية القادمة من الصحراء الغربية.

و بعد قرابة 98 سنة من التعايش السلمي بين المستعمر الاسباني الذي قدم لأول مرة بثوب تاجر و المجتمع الصحراوي الذي كان يقدس الضيف و عابر السبيل المسالم، قوبلت تلك الضيافة الصحراوية بنكران الجميل و كوفئت النوايا الحسنة بالخيانة العظمى من طرف الحكومة الفرانكوية بزعامة ارياس نبارو، بحجة ضمان السيادة الإسبانية على مدينتي سبتة ومليلية الواقعتين على الحدود الشمالية للمملكة المغربية.

و قد تم تنفيذ هذا العمل العدائي الجبان ضد الشعب الصحراوي كسكان أصليين لإقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب بعدما قرروا مصيرهم بذاتهم و اختاروا طريق الحرية كدرب شرعي و حق اقرته منظمة الأمم المتحدة في القرار التاريخي 1415 لعام 1960.

و منذ العام 1975، يوم الاجتياح المغربي لأرض و شعب الصحراء الغربية، ظلت الأحزاب السياسية الإسبانية في عصر الديمقراطية (الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي) تقف دوما إلى جانب الاحتلال المغربي كداعم مادي و معنوي و لكن تحت غطاء السرية التامة كحرباء تتظاهر من حين إلى آخر بتبني موقف الحياد من قضية الصحراء الغربية المطابق للشرعية الدولية الداعية إلى تصفية الاستعمار من الاقاليم الصحراوية المحتلة ضمن نطاق الحدود الموروثة عن الاستعمار الاسباني السابق.

مؤخرا، بعد ما خرجت عملية التطبيع الشهيرة للاضواء عقب سنوات من العمل المخاباراتي السري المشترك بين المملكة المغربية وإسرائيل، بدأ المغرب كنظام مدعوم بقوة الصهائنة بالتحرش العلني على الجار الإسباني عبر سياسات الابتزاز و الضغط لضمان دعم الحكومة الإسبانية الرخوة و الهشة للأطروحة المغربية الداعية إلى تطبيق ما يسمى بأكذوبة الحكم الذاتي بالصحراء الغربية.

لم تستغرق حكومة السيد سانشيز وقتا طويلا حتى إستسلمت مكرهة، تحت قوة وطأة الإبتزازات و الضغوطات المغربية التي أُستهلت بانسحاب سفيرة المملكة العلوية من مدريد، ثم وقف عملية مرحبا الصيفية الخاصة بالجالية المغربية و السواح الأجانب، ليختتم المغرب خبثه و مكره بأكبر عملية هجرة منظمة و مسيسة في تاريخ المملكة، شملت آلاف المغاربة القصر الذين هاجموا سياج مدينة سبتة الاسبانية ذات فجر بطريقة همجية و حاطة من الكرامة الإنسانية بغية الولوج بطريقة غير شرعية الى الأراضي الإسبانية المجاورة.

اليوم، بيذرو سانشيز، الذي لم يستفد جيدا من الدروس السابقة للدبلوماسية الاسبانية في المنطقة، يرتكب نفس الخطأ و يكرر نفس الخيانة التي وسمت جبين ارياس نبارو من قبله و بتلك الحجة ذاتها الرامية إلى الحفاظ على السيادة التامة للملكة الاسبانية على منطقتي سبتة ومليلية من خلال دعمه لخطة الحكم الذاتي المغربية.

للأسف الشديد، لقد تناسى الزعيم الاشتراكي أن مصير الشعب الصحراوي لا تقرره إسبانيا و إن كانت القوة الأولى المستعمرة للمنطقة كما أنه لا يقع تحت وصاية أي دولة أو منظمة مهما كان حجم نفوذها و قوتها الميدانية و عظمة تاريخها، و لو كان كذلك؛ لكانت قضية الصحراء الغربية قد إنتهت مع اللحظات الأولى لتوقيع الدولة الأيبيرية على اتفاقيات مدريد قبل 47 عاما و لكان الشعب الصحؤاوي قد أبيد عن بكرة أبيه حين قال ملك المغرب الحسن الثاني في كلمته الشهيرة: “إن الحرب في الصحراء لن تستمر اكثر من أسبوع”.

نذكر السيد سانشيز، أن الدول التي تدافع عن العدالة الدولية بقيادة الجمهورية الجزائرية لن تقبل أبدًا بقانون الغاب في محيطها الاقليمي، كما لن ترضى بالتعامل مع أمثالك بالتسلية على مركح ازداوجية المعايير في ملعب السياسة الدولية.

لن تمكث كثيرا حتى تصاب ب “تيژبى” الصحراويين يا سانتشيز (مفردة حسانية تعني سوء المصير للظلمة و الجبابرة و الخونة بسبب دعوة المظلومين)، أمامك أيام معدودة ستجمع فيها حقائبك بعد سقوط حكومتك الضعيفة و المنبطحة للإستفزازات المغربية التي لويت أعناقكم في بداية إختبارات التحمل السياسي لإدارة الأزمات و المشاكل.

جهز حقائبك فلم يبقى من الوقت الا القليل لتحمل فيه متاعك و ترحل من قصر مونكلوء الجميل برفقة صديقك ممثل المسرحيات الفاشل؛ خوسيه مانويل الافاريس.