زمن بوريطة..( بقلم: أسلامة الناجم)
يمكن القول انه بانتهاء الحرب الباردة انتهت ايضا مدرسة في السياسة الغربية كانت قائمة على مصلحة الدولة في معناها العميق، صحيح ان منهجها اساسه “الغاية تبرر الوسيلة” و غني عن القول انه منهج لا اخلاقي ، وفق المنظور الديني و حتى الانساني . لكنه منهج انجب ساسة وضعوا مصلحة بلدانهم قبل مصالحهم الشخصية. و عكس ماكان متوقعا او مأمول من هيمنة “القيم الغربية” كحقوق الانسان والديمقراطية وغيرها بعد انهيار جدار برلين .حدث العكس اذ تم انتخاب اكثر الاشخاص تطرفا وجهلا . ظهرجيل جديد من الساسة الغربيين همه الاول ملصحته الخاصة والشلة المحيطة به. وصارت الاحزاب قبلة لكل راغب في الشهرة او الثروة و الفساد اصبح على المكشوف ، وتراخت قبضة المؤسسات وتراجع احترامها وهيبتها ولولا تراكم السنين في العمل المؤسساتي لرأينا نماذج للدولة العالمثالثية وسنراها قريبا ان استمر التدهور والتهور في النظام الديمقراطي. ويمكن الجزم دون حرج ان اخر الساسة الغربيين احتراما كانت انجيلا ميركل في المانيا. المتواجدون على الساحة الان ليسوا اكثر من هواة ، واول من يدفع ثمن انتخاب هذه الاشكال هي بلدانهم قبل اي احد اخر . يمكن قراءة هذا دون جهد كبير من خلال الازمات التي يمر بها الغرب وهي ازمات متعددة ومركبة تبدأ بالاقتصاد ولا تقف عند هوية الدولة والمخالفة الصريحة للدستور .
هذه مقدمة اردت منها القول ان المواقف التي نشهدها مؤخرا في الدول الغربية تجاه قضيتنا بدءا بامريكا ترامب فاسبانيا ثم فرنسا والحبل على الجرار راجع بالاساس الى اختفاء رجل الدولة الذي يوازن الامور ويحافظ على المسافات مع الاصدقاء والخصوم على السواء من خلال منظور المصلحة العامة. الان نحن امام ظاهرة جديدة همها الاول مصالحها هي حيث لا تتوانى عن قبول الرشى ، فكان ان تخلت عن المصالح الاستراتيجية او التي تحتاج زمنا لجني نتائجها . فاعتمدت سياسة قصيرة المدى وقصيرة النظر قد تكون نتائجها خاصة الاقتصادية سريعة قد تحل مشكلة الحزب او الشخص . لكن عواقبها وخيمة بعد ذلك على الدولة . امام هكذا طبقة سياسية تقفد الهيئات الدولية اخر مصداقية لها .
نخب كهذه تكون فريسة سهلة لدول لا تتقن سوى الرشوة وشراء الذمم ، هذا اللعب القذر يتقنه المخزن الى حد الاحتراف فهو مؤسس عليه ويراكم خبرات في الابتزاز والانبطاح والدور الوظيفي منذ ازيد من اربعة قرون ولا حل امام هذه الظاهرة الا في المواجهة الصريحة والعلنية والتصعيد المستمر يكون ذلك من خلال الاعتماد على الذات والبحث عن حلفاء واصدقاء نشترك معهم المصلحة في التحدي والعداء.