غباء المستعمر القديم(بقلم: بلة لحبيب أبريكة)
أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا تستنكر فيه موقف فرنسا الجديد بدعمها الصريح لمخطط الحكم الذاتي لحل قضية الصحراء الغربية في إطار “السيادة المغربية”. وقالت الخارجية الجزائرية أنها تسلمت إخطار بذلك من باريس في الأيام القليلة الماضية.
السؤال المطروح هو لماذا لم تعلن باريس هذا الموقف بشكل رسمي؟
يبدو أن فرنسا عالقة في أزمة محاولة التوفيق في مواقفها بين الجزائر والمغرب، خاصةً في مسألة الصحراء الغربية.
من الواضح أن سياسة فرنسا بمحاولة إمساك العصا من الوسط لم تعد مجدية، إذ أن الإحتلال المغربي الغارق في مستنقع الصحراء الغربية رفع سقف مطالبه، وبات يريد موقفاً صريحاً من باريس بدعم “سيادته” على الصحراء الغربية مقابل عودة العلاقات. أما الجزائر فتريد أن لا يحيد الموقف الفرنسي عن الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
في ظل هذا المأزق الفرنسي، حاولت باريس أن تمارس لعبة ترضي بها المغرب ولا تخسر الجزائر. تخطر الجزائر عبر القنوات الدبلوماسية بموقفها الجديد من قضية الصحراء الغربية بدون أن تصدر موقف رسمي يعطي زخم للموقف الجديد، وبدون أن يجعل فرنسا تبدو أنها تخرق الشرعية الدولية، واعطاء الانطباع أنها لا تريد إغضاب الجزائر. وفي ذات الوقت، تستمر باريس في سرديتها علنا أنها تدعم حل في إطار الأمم المتحدة.
لو التزمت الجزائر الصمت، تكون فرنسا قد ضربت عصفورين بحجر واحد؛ اشترت صمت الجزائر أو رضاها، و تكون قد أرضت المغرب باطلاعه على ما جرى من اتصالات مع الجانب الجزائري.
صمت الجزائر كان سيجعل الموقف الفرنسي يتطور، مع مرور الوقت، إلى شكل علني بالقول مثلاً: موقفنا من قضية الصحراء الغربية أبلغنا به الجزائر، وتكون الجزائر قد ابتلعت الطعم. وبهذا الشكل تكون باريس قد غيرت موقفها بدون تكاليف، وما ظهرت بلد التركيبة.
ماذا يعني إصدار الجزائر بيان شديد اللهجة؟
البيان يجعل فرنسا في حرج شديد، إذ يطالبها أن تبرز موقفها بشكل علني وصريح. ويكشف ألاعيبها.
إذا أصدرت فرنسا بيان يدعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء الغربية في إطار “السيادة المغربية”، فإن الجزائر ستستخلص النتائج والعواقب التي من بينها إلغاء زيارة الرئيس تبون، من بين أمور أخرى.
ويمكن لجبهة البوليساريو أن تعبر هي الأخرى عن موقفها بشكل رسمي. كما أن المجتمع الدولي بما فيها الأمانة العامة للأمم المتحدة يمكن أن ترد على فرنسا مثلما فعلت مع الولايات المتحده الأمريكية في عهد الرئيس ترامب عندما أعترف ب”سيادة” المغرب على الصحراء الغربية.
في حالة تبنت فرنسا موقفاً غامضا ومبهما بأنها تدعم الحكم الذاتي المغربي فحسب، وحل في إطار الأمم المتحدة، فإن ذلك لن يرضي المغرب، وقد لا يحسن العلاقات معها.
ييدو أن الجزائر درست البيان بإحكام وتركت فرنسا في موقف محرج، بالقول أعلنوا عن موقفكم الفوگ باش الجميع يعرفو وخلوكم من التمخشيش.