رئيس فريق إيكيب ميديا للصحراء الحرة: “الأسرى المدنيون الصحراويون يبتكرون أساليب جديدة في النضال ومقاومة الجلاد”
الشهيد الحافظ، ،02ديسمبر2023، (جريدة الصحراء الحرة)، في اطار الحملة الدولية لاطلاق سراح المعتقلين الصحراويين في السجون المغربية خاصة معتقلي اكديم ازيك، تواصل جريدة الصحراء الحرة استضافة نشطاء سياسيين و حقوقيين و اعلامين من الميدان الفعلي لانتفاضة الاستقلال بالمدن المحتلة من الصحراء الغربية.
و تستضيف هذه المرة، الاعلامي الصحراوي رئيس فريق اكيب ميديا المناضل أحمد الطنجي للحديث مع عن مستجدات الاوضاع المزرية التي يعيشونها المعتقلين الصحراويين في السجون المغربية و الاثار الصحية لمعتقلي اكديم ازيك على خلفية الاضرابات الانذارية التي يخوضونها بين الفينة و الاخرى.
كما سيناقش الحور ايضا مسألة النهب الممنهج للثروات الطبيعية في الصحراء الغربية من لدن الاحتلال المغربي و الشركات الاجنبية المتورطة في استنزاف خيرات و موارد الشعب الصحراوي و ماهي السبل الناجعة للفضح و المرافعة و المتابعة القضائية في المحافل الدولية.
فأهلا و سهلا بكم ضيفا على جريدة الصحراء الحرة:
كيف تقيمون مستوى التجاوب الجماهيري مع الحملة الدولية لإطلاق سراح معتقلي أكديم ازيك؟
اهلا وسها بكم و بقراء جريدة الصحراء الحرة، الصرح الإعلامي الذي سيبقى خالدا في ذاكرة شعبنا المقاوم، والمدرسة العتيقة المتينة للاعلام المقاوم .
فيما يتعلق بسؤالكم، أرى أن الجماهير الشعبية الصحراوية ممتنة لكل فعل نضالي مقاوم ضد الاحتلال المغربي، وهي في هذا الأساس تتجاوب مع كل دعوة او تحرك للإفراج العاجل عن اي معتقل صحراوي في السجون المغربية. فعلى امتداد 13 عاما الماضية رأينا حضورها وتحملها مشاق السفر الى عاصمة المغرب لحضور اطوار المحاكمات الصورية الظالمة التي تجسد الانتقام ضد هؤلاء المناضلين الذين باتوا رمزا للصمود .
لم تمنع كل الاكراهات في تفاعل الجماهير مع الحملة الدولية التي اثمرت بتحركات فعلية من لدن آليات الأمم المتحدة و المنظمات الغير حكومية للإفراج عن هؤلاء الرفاق، باختصار لدي الثقة الكاملة في قدرة الجماهير ومستوى وعيها بالمسؤولية في النضال على جميع المستويات والتي من بينها بكل تأكيد الافراج عن المعتقلين السياسيين الصحراوييين في كافة السجون المغربية.
ما هي الحالة الصحية للمعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية، خاصة عقب الاضرابات الانذارية عن الطعام التي يخوضونها بين الفينة و الأخرى؟؛ وماهي رسالة المعتقلين السياسيين الصحراويين من وراء هذه الاضرابات؟
هؤلاء المناضلين كانوا ضحية لكل اشكال القمع والانتقام المبني على حقد دفين لشعبنا الابي من طرف القوات المغربية الجائرة، ومنذ الأيام الأولى لاختطافهم وسجنهم ظلوا مشتتين ومفرقين في زنازن انفرادية لاعتقاد المحتل ان ذلك يمس من لحمتهم وعضدهم ، لكن على العكس فقد حولوا زنازنهم الى مشاتل للنضال حين اضربوا عن الطعام لمدد طويلة ، الحقيقة انها انهكت اجسامهم و اثرت على مستوى صحتهم، فمنهم من أصيب بأمراض نتيجة التعذيب الممنهج والذي أكدته منظمات دولية بمن فيها اليات اممية ومنهم من يعاني من امراض مزمنة بسبب أوضاع السجن وظروفه القاسية ومنهم من لا يزال معزولا و محروما من أي اتصال خارجي لأكثر من ست سنوات، فلكم ان تتخيلوا اثر ذلك. لكن عزيمة هؤلاء الابطال وقناعاتهم ومعرفتهم المسبقة بأساليب المحتل وسياساته واخلاقه و لكن إيمانهم المطلق بحتمية النصر و خلاص الشعب من براثين الاستعمار طل دومها هو الحصن والقوة المانعة لاي استكانة او استسلام.
رسالة المعتقلين من تلك الإضرابات جلية وواضحة، هي تأكيد للصمود وللعزيمة التي لا تلين كما اسلفت .
يعيش المعتقلون السياسيون الصحراويون اوضاعا استثنائية بالسجون المغربية، ضغوط و تضييق على العائلات اثناء الزيارات، ما تعليقكم؟
نحن نواجه سياسية ممنهجة من طرف الاحتلال ضد شعبنا ككل ، فيما يتعلق بالأسرى والمعتقلين الصحراويين وطالما انهم هم الطليعة فالاوضاع التي يعيشونها ومنع اسرهم من زيارتهم واستمرار احتجازهم بعيدا عن وطنهم المحتل يراد منه كسر كبريائهم ، هذا الكبرياء الذي يسري في جينات هذا الشعب و الذي لم تتمكن أي قوى استعمارية مهما بلغت من قوة من اقتلاعها، لذا اعتقد ان المغرب يعيد رسم نفس السياسات التي ستكون لها اثار سلبية ومؤثرة على اجياله المستقبلية، العالم يتغير نحو الأفضل في محيطنا و المغرب يسير الى الاستبداد من سيء الى الاسوء وقد يؤدي ذلك حتما الى انفجار أوضاعه الاجتماعية .
إستمرار تقييد الحريات الشخصية و منع الوقفات و التظاهرات السلمية و توقيف النشاطات الجمعوية و الحقوقية، كيف يواجه المناضل الصحراوي في المناطق المحتلة هذه الاساليب القمعية غير الشرعية؟ و ما المطلوب من انتفاضة الاستقلال في ظرف يتسم بالتضييق الممنهج على نشطاء الانتفاضة؟
دعني في البداية أوضح شيء معين ، هو اننا في الفريق الإعلامي الصحراوي كمؤسسة لم نقدم أي طلب للترخيص من سلطة الاحتلال، لانه بكل بساطة ان القانون الدولي لا يعتبره قوة مديرة ، هو قوة مديرة بالأمر الواقع وثمة ترتيبات دولية في هذا السياق خاصة اذا ما علمنا ان القانون المطبق على أراضي الصحراء الغربية هو القانون الدولي الإنساني .
نحن نتحدث عن احتلال عسكري حقيقي ، المدن المحتلة مليئة بالثكنات و الاحتلال في صراع مع الزمن لتغيير الخريطة الديمغرافية عبر ارسال أمواج من المستوطنين على امتداد الثلاثين عاما الماضية وترهيب وتفقير وتهجير الصحراويين، وبالرغم من كل ذلك كان ولا يزال يصطدم بمقاومة نوعية وباسلة فأحداث2010 و 2013 و 2015 و 2019 تجسد جميعها بسالة الجماهير الصحراوية وفشل سياسيات الاحتلال المغربي القمعية .
في رؤية نقدية موضوعية يجب ان نقر كذلك بان العالم يتغير وأساليب النضال تتغير معه ، نحن امام ثورة رقمية واعلام رقمي وتحركات ميدانية تعتمد سلبا او إيجابا كذلك على ما هو رقمي ، لذا فالمطلوب إعادة انتاج سياسيات تواكب المرحلة لمواجهة الاحتلال سواء تعلق الامر بما هو ميداني او في ما يتعلق بخطاب التوعية والتكوين والتاطير او الخطاب الإعلامي.
هل ما زال المناضل في الارض المحتلة يعي أهمية الدبلوماسية الحقوقية و القانونية؟؛ و كيف نفعل و نرقي الاساليب الكفاحية و النضالية في هذه المجالات؟
لا يخفى على أي مهتم أهمية النشاط القانوني والحقوقي في مجال الترافع عن القضية الوطنية ، على المستوى الاستراتيجي تبرز أهمية تاثير و الضغط الحقوقي و القانوني على الاحتلال وحلفاءه ويتأكد ذلك مثلا في مسارات عديدة من بينها على سبيل المثال سحب شركة جيوفيزيكا النفطية البولندية لأنشطتها بسبب الضغط الإعلامي والحقوقي الذي قام به ايكيب ميديا مع المرصد الدولي لثروات الصحراء الغربية الطبيعية او على مستوى نشاط المنظمات الصحراوية في الأراضي الصحراوية المحتلة مع الاليات الأممية ومنظمات حقوق الانسان والذي كان ولا يزال عبئا على المحتل و سلكه الدبلوماسي الخارجي .
لكن الجماهير أيضا ترى ان رعونة الاحتلال وبلطجته وامعانه في تجاوز القرارات والتوصيات الصادرة عن كل الهيئات الدولية لا يوقفه الا استئناف العمل المسلح و توسيع دائرته .
وبين المسالتين ، نرى ان الضغوط يجب ان تمارس لوقف وقود الاحتلال ودينه وهما نهب الثروات الطبيعية والاستيطان إضافة الى الدعم الغربي ، بذلك يمكن ان يفرض على الاحتلال الاستسلام والانصياع الى قرارات الأمم المتحدة و الى التزاماته عبر تمكين الشعب الصحراوي من حقه الغير قابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
بعد إستئناف الكفاح المسلح من جديد، زادت أهمية الفعل النضالي في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، هل لكم ان تقيموا لنا الوضع؟؛ وما الدور الذي يمكن ان تلعبه جبهة الارض المحتلة لأجل اسناد المقاتل الصحراوي؟ و ماهي التحديات التي تواجهونها في سبيل تحقيق أهداف و تطلعات الشعب الصحراوي؟
منذ استئناف الكفاح المسلح ، ضاعفت سلطات الاحتلال المغربية من مراقبتها وتضييقها على النشطاء الصحراويين ، بل ان الاحكام الصادرة على بعض النشطاء الشبان قد وصلت الى عشرين عاما سجنا ، فتلك رسائل لترهيب النشطاء والمناضلين وتقييد تحركهم ،هذا بالإضافة الى المراقبة اللصيقة ومنع الأجانب من زيارة الأراضي المحتلة .
للامانة لم يمنعنا ذلك من استمرار انشطتنا بنفس الوتيرة ونحن نعلم مسبقا بالأثار التي يمكن ان يؤدى بها ذلك ، لكن لدينا التزام سياسي، أخلاقي و ديني تجاه شعبنا وقضيته .
كلما ظن الاحتلال المغربي انه افلح في كبح جماح انتفاضة الاستقلال، كلما اخترع نشطاء الانتفاضة اسلوبا جديدا من اساليب المقارعة، هل لكم ان تطلعوا القراء الكرام على تلك الاساليب السلمية الابداعية التي مرغت أنف البوليس المغربي؟
اكيد ان المقاومة الصحراوية في الأرض المحتلة اثبتت علو كعبها في هزم الاحتلال وسياساته ، ومنذ العام 2005 وهي تبدع في اشكال النضال وتمكنت من كسر كل اشكال الطوق التي سعي المحتل فرضها على المناضلين ، اذكركم بحجب المواقع الصحراوية في ذروة الانتفاضة فكانت المواقع الوكيلة “Proxies ” بديلا للوصول الى المعلومة .
بعد خمس سنوات ابدع النشطاء وأبناء الاراضي الصحراوية المحتلة شكلا راقيا عبر مخيم اكديم ايزيك و بعد ثلاث سنوات خرجت الجماهير بالألاف في العاصمة العيون المحتلة ترفع اعلام الجمهورية الصحراوية وفي العام 2019 واثناء الاحتفال بفوز الاشقاء الجزائريين بكاس العرب عجزت اليات جيش الاحتلال من منع الشبان الذين خرجوا بصدور عارية ولم يخيفهم رصاص الجنود بل هم من اخافوا المحتل بصمودهم واحتلالهم للشوارع .
كل ذلك غيض من فيض مما انتجه وينتجه الصحراويون من ابداع في المقاومة ، ونحن متأكدين بان المقاومة وان استراحت وقتا فإنما لتبدع وقتا اخر .
وابداع المقاومة ليس في الفعل الميداني فحسب بل كذلك في أساليب وقف النهب الممنهج والمفرط لثروات شعبنا و في اعلامه المقاوم لذي ساهم في إيصال صوته الى العالم وفضح انتهاكاته وسرقته لأصول وممتلكات شعبنا .
تواصل دولة الاحتلال المغربي نهب ثروات الصحراء الغربية، في نظركم ما ذا يمثل هذا النهب المتواصل؟
بكل تأكيد ان النهب الممنهج للثروات الطبيعية وبتواطؤ من بعض الشركات الأجنبية هو محاولة لاطالة معاناة شعبنا المقسم بجدار الذل والعار ، و نحن نسعى بحسب امكانياتنا المتواضعة وبكل ما نملكه من علاقات على المستوى الدولي الى فضح ذلك وتحميل المسؤولية لكل المتورطين في تلك الجرائم على اعتبار اننا نتحدث عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مثلما يوصف ذلك القانون الدولي الإنساني .
لقد ساهمت جنوب افريقيا العام 2017 في تنبيه الشركات الأجنبية ومالكي السفن التي تنهب فوسفات الصحراء الغربية بغير استشارة ولا موافقة البوليساريو الممثل الشرعي للشعب الصحراوي و كانت إشارة موفقة ، لا زال امامنا الكثير ولكن نرى ان قرار محكمة العدل الاوربية ورايها النهائي ربيع العام المقبل سيشكل فارقا بين تاريخين و سيمثل ضغطا جديدا على نظام الاحتلال التوسعي الاقطاعي .
على ذكر الشركات الاجنبية، كيف نواجه سياسة الاحتلال المغربي وهي تورط شركات اجنبية في سرقة ثروات الشعب الصحراوي؟
أولا بجمع وتحيين كل المعطيات ، و العمل على كل الأصعدة ، رفع مستولى وعي الجماهير بأهمية النضال في هذا الحقل الحيوي والاستراتيجي ، الترافع في المحافل الدولي والاحتجاج امام كل الشركات المتورطة وكما ذكرت بان الأرضية ستكون صلبة هذه المرة في الربيع المقبل .
كلمة أخيرة
اشكر لكم في جريدة الصحراء الحرة ، وأتمنى ان تستعيد البريق الإعلامي مستفيدة من التقدم الرقمي لا يصال مادتها بشكل يواكب هذا التطور ، وأتمنى من الجيل الجديد ان يعي مكانة هذا الصرح الإعلامي في ذاكرة شعبنا وكذا في مسار مستقبله . وشكرا جزيلا.
حاوره: رئيس التحرير – محمد محمدالسالك
(جريدة الصحراء الحرة) 01/10