الأخباردوليامقالات

المغرب يرضى بحياد موريتانيا (بقلم: بلة لحبيب بريكة)

إستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني مبعوث رئيس الجمهورية الصحراوية المستشار بالرئاسة، المكلف بالشؤون الدبلوماسية محمد سالم ولد السالك.

ويبدو أن هذه الزيارة، مثل زيارات سابقة لمسؤولين صحراويين، خلفت استياء داخل دوائر صناع القرار بالمغرب، على الرغم من عدم بروز ذلك علنا. تخشى الرباط من أن تميل كفة موريتانيا إلى الطرف الصحراوي ليس فقط بالنظر إلى استئناف الكفاح المسلح عام 2020، وإنما بسبب الأهمية الجيوإستراتيجية التي تكتسيها الجزاىر في ظل المتغيرات الدولية.

ومما زاد من امتعاض المسؤولين المغاربة ما وصفته بعض المواقع المغربية باستخدام وكالة الأنباء الموريتانية عبارات وصفتها بغير المسبوقة مثل “فخامة الرئيس” بدل “الأمين العام لجبهة البوليساريو” .

لم تك السلطات في الرباط ترضى، في السابق بوقوف موريتانيا على مسافة متساوية بين المغرب و الجمهورية الصحراوية ، كونها تعترف بهذه الأخيرة، وتستقبل وفودها على أعلى مستوى مثلما تفعل مع المغرب. ودرجت العادة أنه كلما إستقبل رئيس موريتانيا مسؤولون من الجمهورية الصحراوية، يحرك المخزن ابواقه مثل الفتاوى الريسونية التوسعية أو وسائل الإعلام المحسوبة على المخزن ضد موريتانيا.

على الرغم من تبني موريتانيا ما تسميه الحياد البناء في موقفها تجاه قضية الصحراء الغربية، ما زالت العلاقات بين الرباط و نواقشوط على الحال الذي وصفها به وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في 2020 عندما قال “أحسن علاقات جوار هي تلك التي تجمعنا مع جارنا الشمالي، خصوصا في الأمن ومحاربة الإرهاب والهجرة. وللأسف هذه العلاقات غير موجودة مع الجارين الجزائري والموريتاني”.

لكن سرعان ما تدارك السي بوريطة الزلة الدبلوماسية و هرع رفقة رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني إلى نواقشوط ليصحح الموقف.

لا يبدو أن رؤية المغرب للعلاقة مع موريتانيا تغيرت عقب تصرريحات بوريطة، خاصة أن ملك المغرب محمد السادس في خطابه الذي ألقاه في اغسطس 2022، بمناسبة ما يسمى في المغرب ثورة الملك والشعب قال: إن ملف الصحراء الغربية هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشركات”.

المغرب لا يرضى بالحياد في قضية الصحراء الغربية، وقد كان ذلك جلياً في تعاطيه مع الدول الأوروبية عندما طالبها أن تخرج من “منطقة الراحة” بخصوص قضية الصحراء الغربية، أو في استدعاء سفيره من تونس عقب استقباله لرئيس الجمهورية الصحراوية خلال قمة تيكاد-الإتحاد الإفريقي.

الأمر قد يبدو مختلفاً هذه المرة، ففي ظل المتغيرات الدولية الحالية، و توتر العلاقات مع تونس، تخشى الرباط من ميل المنطقة المغاربية برمتها في إتجاه الجزاىر، ما يجعل المغرب في عزلة في محيطه المغاربي.

وعليه، بات الحد الأدنى الذي يطلبه المغرب من موريتانيا في الوقت الراهن، في ظل تراجع أدواره الإقليمية والدولية، وانشغاله بالضرورات الداخلية، وحرب للصحراء الغربية، أن تبقى على الحياد، وأن لا تجرفها رياح المتغيرات الإقليمية والدولية تجاه ما تعتبرهم الرباط الخصوم.

وكان اللقاء مناسبة لإستعراض أوجه التعاون وسبل تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، وكذا آفاق التنسيق والتشاور حيال القضايات ذات الاهتمام المشترك، وبشكل خاص على الساحتين الإفريقية واللاتينوأمريكية.

وحضر اللقاء عن الجانب الفنزويلي كل من السيد يوري بيمنتيل، نائب وزير الخارجية المكلف بإفريقيا ، وعن الجانب الصحراوي الوفد المرافق للرئيس ابراهيم غالي .

وعلى إثر اللقاء، نظمت السلطات الفنزويلية وجبة غداء على شرف الرئيس الصحراوي والوفد المرافق له، حضرها إلى جانب المشاركين في الاجتماع السابق كل من السفير فيليكس بلاسينثيا، المدير التنفيذي لمنظمة ألبا ALBA، أي التحالف البوليفاري لشعوب أمريكا، والسيد كارلوس رون، نائب وزير الخارجية المكلف بأمريكا الشمالية ومعهد سيمون بوليفار.

وكان رئيس الجمهورية قد شرع أمس الأحد في زيارة دولة إلى فنزويلا ، بدعوة من السيد فخامة الرئيس نيكولاس مادورو.

ويرافق رئيس الجمهورية وفد ضم كلا من وزير الشؤون الخارجية ، عضو الأمانة الوطنية السيد محمد سيداتي ، وزيرة التعاون ، عضو الأمانة الوطنية السيدة فاطمة المهدي ، عبداتي أبريكة مستشار لدى الرئاسة ، محمد ازروك السفير المكلف بأمريكا اللاتينية ، محمد سالم الرقيبي السفير الصحراوي بفنزويلا ، جمال محمد أحمد السكرتير الأول بالسفارة . (واص