ميناء طنجة..ضرع “إسرائيل” الذي لا ينضب!
بقلم: محمد مغاديلو – كاتب صحراوي
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
البيت لأبي الأسود الدؤلي، ينطبق مضمون البيت أساسًا على مهلكة أمير المؤمنين في المغرب، الذي يرأس لجنة القدس المكلّفة برعاية الأماكن الإسلامية المقدّسة في القدس والذي يتجلّى كذلك صنيعه في المأثور النّاظم “أيد تسبح وأيد تذبح” بما يعنيه أنّ في ظاهر يده اليمنى سبحة للورد والأذكار والأدعية المأثورة، بينما بشماله سكّين لذبح إخوانه.
إنّها مجرد مقدّمة بسيطة لفتح الشّهية لما هو قادم من عظائم صنيع المملكة المغربية “الشريفة” في حقّ إخوانهم الفلسطينيين الذين يربطون الحجارة على بطونهم في هذه الأيّام لمقاومة الجوع والعطش في مرمى حجر من كلّ الدّول العربية والإسلامية التي ترفع شعار فلسطين دولة مستقلّة.
وفي الوقت الذي تسارع الدّول الأوروبية المسيحية وحتّى الإفريقية والجنوب أمريكية إلى تعليق العلاقات الدّبلوماسية مع الكيان الصّهيوني والاعتراف الكامل بدولة فلسطين في سابقة من نوعها، تعمد بعض الدّول العربية المطبّعة إلى تنفيذ بنود التّطبيع بشكل منقطع النّظير، تمامًا كما تفعل المملكة المغربية.
بحيث، “أثار توقّف سفينة إنزال تابعة للبحرية “الإسرائيلية” في بداية جوان في ميناء طنجة المتوسّط ردود فعل غاضبة داخل الأوساط السّياسية في المغرب، أين تقام بشكل شبه أسبوعي مظاهرات، أغلبها حاشدة، داعمة لفلسطين ومناهضة للغزو “الإسرائيلي” ومجازره المرتكبة في حقّ أهل غزّة”.
“وتوقّفت سفينة (إ.ن.س. كوميميوت) “الإسرائيلية” في الفترة من 6 إلى 7 جوان في ميناء طنجة لإعادة التزوّد بالوقود والغذاء، حسب ما كشفت عنه هذا الأسبوع صحيفة “غلوبز” “الإسرائيلية”. وعند دخولها المياه المغربية، أوقفت السّفينة الحربية “الإسرائيلية” جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بها، ممّا يعني أنّها توقّفت عن بثّ إشارة تسمح بتحديد موقعها في البحر. ومع ذلك، فمن خلال الموقع العالمي لتتبّع السّفن (فيسيل فيندر)، ظهر مكان تواجد السّفينة “الإسرائيلية” بمرسى السّفن في ميناء طنجة المتوسط 1″.
في حين، “أشاد ناشطون مغاربة بحكومة إسبانيا لرفضها في ماي الماضي توقّف سفينة الشّحن الدّنماركية (ماريان دانيكا) المحمّلة بالأسلحة للجيش “الإسرائيلي” في قرطاجنة، والتي كانت تنقل 27 طنا من الأسلحة من (الهند) إلى حيفا، بينما أدانوا -تواطؤ- نظام محمد السّادس مع الاحتلال الإسرائيلي”.
وقد علّقت الصّحف المغربية الموالية للنّظام على الحالة بـ “الدّولة تجري التّحقيقات اللّازمة حول رسو سفينة حربية “إسرائيلية” في ميناء طنجة” لذرّ الرّماد في أعين جيل القرن الواحد والعشرين الذي لم يعد تقنعه الصّحافة والخطابات التّقليدية وينتظر من الدّولة تقديم قرارات شجاعة وملموسة بدل الشّعارات الجوفاء.
ومثل رسو السّفينة “الإسرائيلية” على الميناء المغربي فضيحة سياسية على مستوى الدّاخل المغربي بالدّرجة الأولى، حيث عبّر ناشطون سياسيون مغاربة عن رفضهم الشّديد لمثل هذه الممارسات المذلّة “فمن العار أن تتعرّض فلسطين لحرب إبادة في وقت نستقبل فيه سفن حربية “إسرائيلية” للتزوّد بالوقود والمؤنة” حسب تعبير أحد النّشطاء السّياسيين المغاربة المناهضون للتّطبيع مع الكيان الصّهيوني.
وفي شهر ماي الفارط اتّهم نشطاء في التّواصل الاجتماعي المملكة المغربية بإرسال دفعات من المجنّدين المغاربة للمشاركة في الحرب ضدّ غزّة وذلك على خلفية نشر حماس لصور جثث “إسرائيليين” – يعتقد أنّهم من أصول عربية – في كمين نصبته المقاومة الفلسطينية المسلّحة لمفرزة عسكرية “إسرائيلية” على تخوم غزّة.
ورغم ارتفاع مستوى الأصوات المناهضة للتّطبيع داخل المملكة المغربية، وتزايد حجم المظاهرات في المناطق الكبرى منها، ما يزال النّظام المغربي يصمّ الأذان ويغمض الأعين عن هذه المطالب من خلال تعميق وتشبيك الاتّصالات العسكرية والسّياسية بينها وبين نظام نتنياهو بشكل مفضوح.
وقد أعطت المملكة المغربية الضّوء الأخضر لفتح الموانئ والمطارات أمام السّفن والطّائرات “الإسرائيلية” لتسهيل عمليات الشّحن اليومي للذّخائر والمؤن المختلفة كعربون وفاء لبنود اتّفاقيات التّطبيع التي يظهر أنّها تصبّ كلّها في صالح “إسرائيل”، بينما لم تعد المغرب من كلّ صفقات التّطبيع إلّا بخفي حنين.