النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة في اختتام الندوة الوطنية للتعليم
الشهيد الحافظ، 07 سبتمبر 2023 (جريدة الصحراء الحرة) – ألقى رئيس الجمهورية، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة خلال إشرافه على اختتام الندوة الوطنية للتربية والتعليم والتكوين المهني، أشاد فيها بإنجازات المنظومة التربوية الصحراوية.
وفيما يلي النص الكامل للندوة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء وخاتم المرسلين
الأخوات والإخوة،
في ختام أشغال الندوة التخصصية للتربية والتعليم والتكوين المهني، ونحن نحيي ونثمن عمل اللجنة التحضيرية للندوة وجماهير وسلطات ولاية بوجدور التي تحتضنها، أود بداية أن أتوجه بتحية تقدير خاصة ومستحقة إلى جميع منتسبي هذا القطاع، رجالاً ونساءً، بمن رحلوا من رعيل المؤسسين، بما لهم من أفضال التأسيس والبناء والتطوير، وبمن يواصلون اليوم بصبر وأناة تحمل أعباء هذه المسؤولية والمهمة النضالية النبيلة المضنية، في سياق معركة شعبنا من أجل التحرير والبناء.
إن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وفي سياق استراتيجية تركز على بناء الإنسان والاستثمار فيه أولاً، ومنذ بداياتها الأولى، أولت كامل العناية للتربية والتعليم، وسارعت إلى خلق الأسس الضرورية، في ظروف غاية في القساوة والصعوبة، لبناء منظومة قوية لهذا القطاع، في غياب أي تجربة، وعملت جاهدة على توفير فرص الدراسة للأطفال الصحراويين، سواء في الداخل أو لدى الدول الشقيقة والصديقة. وبفضل ذلك التوجه، وإرادة التحدي لدى شعبنا عامة، وبشكل خاص لدى المنخرطين في هذا الميدان، لا يمكن إلا أن ننظر بكل فخر واعتزاز وتقدير للنتائج الباهرة التي تحققت على مدار نصف قرن من الكفاح.
في ظرف وجيز، تحولت مخيمات اللاجئين الصحراويين والأراضي المحررة إلى نموذج متميز في كامل المنطقة، وتحقق تطور سريع ومضطرد في مجالات عديدة، في مقدمتها التعليم والتربية، في ظل واقع وظروف استثنائية، بما في ذلك إقامة مدارس في العراء وتحت الشجر وفي الخيم.
ولم يقتصر الأمر على الأطفال الذين سرعان ما تحولوا إلى تلاميذ وطلبة ثم إلى آلاف الإطارات والكفاءات من الخريجين من المعاهد والجامعات، في شتى الاختصاصات، بل شمل كل فئات المجتمع، ما جسدته حملات محو الأمية والتثقيف الشعبي.
ولا شك أن هذه الندوة، المتميزة من هذا النوع والحجم، قد تطرقت بالتفصيل إلى هذه التجربة الرائدة، وتوقفت عند أهم الدروس المستخلصة منها، قصد البناء عليها في بلورة خطة شاملة ومتكاملة، تضمن تحقيق عملية تربوية نوعية.
نثمن عالياً العروض والنقاشات والآراء والمقترحات العميقة والبناءة التي شهدتها الندوة في أشغالها وفي مرحلتها التحضيرية، وهي التي تتزامن مع انطلاق الدخول الاجتماعي 2023/2024، وكلنا ثقة في أنها ستنعكس في نتائج وتحولات إيجابية، يتم الخوض فيها وبلورتها على مستوى منظومة التربية والتعليم وشركائها في قادم الأيام.
وطبعاً، يجري كل هذا في سياق عام، ينطلق من مقررات المؤتمر السادس عشر للجبهة، وبالتالي برنامج العمل الوطني وتوجيهات الأمانة الوطنية وبرنامج الحكومة، بما يضمن ترقية آداء وهيئات المنظومة، بمستوياتها المختلفة، من دور الحضانة والتربية إلى المعاهد والجامعات، يراعي الانشغالات القائمة، مع الحفاظ دائماً على إلزامية ومجانية التعليم، وإيلاء العناية اللازمة لقطاع التكوين المهني، ورفع مستوى التحصيل ومحاربة كل مظاهر التسرب والانقطاع عن الدراسة.
إن التربية والتعليم عملية متكاملة وشاملة، متعددة الأطراف، حتى وإن كان المنتسبون إلى المنظومة في المقدمة، وعلى عواتقهم يقع الجزء الأكبر من المسؤولية. هناك مكونات أخرى لا يجب أن تقل أهمية، على غرار السلطات، على مختلف المستويات، وخاصة الجهوية والمحلية، وجمعيات أولياء التلاميذ وبشكل خاص الأسرة. إذ لا يمكن إطلاقاً تصور نجاح الجهود في هذا القطاع الحيوي إلا بتحقيق التكامل والتعاون والتنسيق المحكم والدائم بين كل هذه المكونات.
كل ذلك يجب أن يتجسد ميدانياً، في الإدراك والتمثل العميق لهذه المسؤولية الجسيمة، وفي عمل جميع الأطراف، في تفاعل إيجابي، يمكن من تحقيق الأهداف المرسومة، والتغلب دائماً على الصعوبات والعراقيل، مهما كان حجمها ومهما كان نوعها.
فالجميع مدعو لتحمل هذه المسؤولية المشتركة، ولعب دوره في تنشئة وتربية الأجيال على نهج الأبطال، وتلقين أبنائنا، في الداخل كما في الجاليات، التربية الوطنية والقيم والأخلاق والعادات والثقافة الوطنية، وتعزيز تجربة التعليم الأصلي في تكامل مع المدرسة الحديثة، والعمل على توفير المتطلبات الضرورية لعمل الأسرة التربوية، كل من موقعه.
كما أن الجميع، وخاصة منتسبو وهيئات المنظومة التربوية، مدعو لاستحضار الواقع الوطني، بكل تجلياته وتحدياته، والتصدي للمخاطر الناجمة عن سياسات العدوالتي تستهدف روح ومستقبل المجتمع، الأجيال الصاعدة، بأخبث الأساليب، بما فيها ذلك عبر نشر سموم المخدرات والمهلوسات وغيرها.
ونحن جميعاً، وليس فقط في هذا الميدان، يجب أن لا نغفل لحظة بأننا نعمل، قبل كل شيء، كمناضلات ومناضلين في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، يتمسكون بمبادئها وأهدافها، وعلى استعداد دائم للتضحية والعطاء، يتحلون بنكران الذات، يغلبون المصلحة الوطنية العليا، ويلتزمون بعهد الشهداء، حتى استكمال أهداف شعبنا في الحرية وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني.
الأخوات والإخوة،
ولا يفوتني أن أتوجه باسمكم جميعاً بتحية التقدير والشكر والعرفان إلى الدول الشقيقة والصديقة، وفي مقدمتها الجزائر التي احتضنت عشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين، نساءً وأطفالاً ومسنين، الفارين من بطش قوات الاحتلال الملكية المغربية. ولكنها أيضاً احتضنت وتحتضن، بكل كرم وسخاء، آلاف التلاميذ والطلبة الصحراويين في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها. الأمر نفسه ينطبق على كوبا، هذا البلد الذي، إلى جانب الجزائر وليبيا، رافقت التجربة الصحراوية في ميدان التربية والتعليم منذ بدايتها. وإلى جانب هؤلاء، هناك فنزويلا وجنوب إفريقيا اللتان دخلتا بقوة مجال التضامن والتعاون في هذا القطاع. كما نحيي المشروع الرائد في إسبانيا، المعروف باسم ” مدرسة “، وكل الشركاء الأجانب المتعاونين من مختلف الدول والمنظمات في العالم، مع التذكير بأن الحاجة لا تزال ماسة لمساعدة المنظومة الصحراوية للتربية والتعليم والتي أثبتت أنها جديرة بكل الدعم والتقدير.
الأخوات والأخوة،
شهدت الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية مظاهرات بطولية، خاضتها جماهير انتفاضة الاستقلال، رغم البطش والحصار المشدد على كل الشوارع والمنازل الصحراوية، وأعمال القمع والتنكيل الوحشي من طرف قوات الاحتلال المغربي في حق المدنيين الصحراويين العزل، بالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، دي ميستورا، إلى مدينتي العيون والداخلة المحتلتين.
ونحن نعبر عن إدانتنا لهذه الممارسات التي تجري في وجود بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، المينورسو، وأثناء زيارة المبعوث الشخصي، فإننا ندعو مجلس الأمن الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتمكين بعثة الأمم المتحدة للاستفاء في الصحراء الغربية، المينورسو، من تنفيذ مأموريتها التي كلفها بها، بموجب خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، لتصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه، غير القابل للتصرف ولا للتقادم ولا للمساومة، في تقرير المصير والاستقلال.
وفي مناسبة كهذه، في يوم كهذا، لا يمكن إلا أن نتوجه بتحية التقدير والإجلال إلى مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي الميامين، وهم يجسدون ببطولاتهم وصمودهم الوفاء لعهد الشهداء والاستعداد لكل ما تتطلبه مهمة التحرير من تضحيات وعطاء، فلا نامت أعين الجبناء.
،
ونحن نخرج من وقفة الحداد على استشهاد عضو الأمانة الوطنية، قائد الناحية العسكرية السادسة، أباعالي حمودي ورفاقه في السلاح، فإن رسالة شعبنا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب وفي مخيمات العزة الكرامة وفي كل مواقع تواجده هي أنه ماضي على عهد الشهداء، ولا شيء سيردعه، بأجيال اليوم وأجيال الغد، عن المضي في كفاحه العادل، بكل السبل المشروعة، حتى استكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على ترابها الوطني.
وختاما، ونحن نعلن عن إنشاء المجلس الأعلى للتربية والتعليم والتكوين المهني في قادم الأيام، بحول الله، نتمنى عودة ميمونة للأطقم التربوية والتعليمية وأبنائنا الأعزاء بعد انقضاء العطلة الصيفية، وكل التوفيق والنجاح للجميع.
شكراً والسلام عليكم،
تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة .
(واص)