الأخبارمقالات

نحن والهند(بقلم: غالي أزبير)

أسال النقاش الذي أثاره دخول ست دول جديدة إلى تجمع البريكس الكثير من الحبر حول دور الهند في منع الجزائر من دخول هذا التكتل الناشيء.
لكن السؤال الذي يثيره دور الهند وسياستها الخارجية يدفع الى الحديث عن علاقة الهند بالقضية الصحراوية.
اعترفت الهند رسميا بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في اول اكتوبر 1985، الامر الذي تبعه افتتاح السفارة الصحراوية بنيودلهي سنة 1986، وقد تعاقب عدد من الديبلوماسيين الصحراويين عليها من بينهم الراحل محمد سالم ولد باكيتو وعالين الكنتاوي ومحمود شداد.
أدت التغيرات السياسية في الهند إلى خسارة حزب المؤتمر الوطني للاغلبية وهو ما أدى الى انتهاء حكم الحزب الواحد وظهور الحكومات الائتلافية قبل أن يفوز حزب الشعب المعروف باسم بهاراتيا جناتا اليميني القائم على العقيدة الهندوسية والذي يحكم الهند الآن.
في 25 يونيو 2000 سحبت الهند اعترافها بالدولة الصحراوية وأعلنت عن تمسكها بدعم مخطط الامم المتحدة على ضوء ماوصفته ب”تغيرات الوضع في المنطقة”.
وقد سعى الاحتلال المغربي بنشاط عبر البوابة الاقتصادية الى التأثير على مواقف الحكومات الهندية من القضية الصحراوية عبر خلق الشركات المختلطة ومنح الاستثمارات الهندية مساحة معتبرة في قطاعات مهمة من قبيل المعادن والطاقات المتجددة ومشاريع البنية التحتية، بما في ذلك تلك الأنشطة غير القانونية التي يتم تنفيذها داخل الاراضي الصحراوية المحتلة.
وكان من اللافت الموقف الهندي في مجلس الأمن أثر عودة الحرب في الصحراء الغربية بعد الخرق المغربي لإتفاقية وقف اطلاق النار، فحين حاولت الولايات المتحدة تقديم مبادرة في أبريل 2021، لدفع مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف بشأن ضرورة تجنب التصعيد في الصحراء الغربية وتعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة، لكن هذه المبادرة انهارت على عقبة طرحتها الهند، التي تصرفت نيابة عن المغرب. وكانت هذه الخطوة كافية لعرقلة المبادرة الأميركية، حيث أدركت واشنطن أن تكاليف التغلب على اعتراض نيودلهي سوف تفوق بكثير فوائد المبادرة، كما يقول تقرير نشرته مجموعة “الازمات الدولية”.
ولاشك أن الهند البلد الأكثر سكانا في العالم، الذي يتقدم بصورة متسارعة وبوتيرة لافتة اقتصاديا وتقنيا، مما يرشحه في السنوات القليلة القادمة ليكون أحد أهم أقطاب السياسة الدولية والذي يتميز بنظام ديمقراطي متعدد الاحزاب والتيارات السياسية يحتاج إلى حضور صحراوي فاعل على الارض من أجل طرح وجهة النظر الصحراوية والدفاع عن المصالح الوطنية على مختلف المستويات.
إن وجود تمثيلية للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في الهند -أسوة بالعديد من الدول الاخرى- يكون قطب الرحى في العمل الديبلوماسي والاتصال والتواصل مع البلدان الأسيوية، بات أكثر من ضروري في ظل التحولات الكبرى التي تعرفها السياسة الدولية المعاصرة، على ضوء قراءة تحليلية عميقة للمعطيات الحالية واستشراف التغيرات المستقبلية المؤثرة على الساحة الدولية.