الأخبار

إسماعيل الشيخ سيديا يكتب:

قبل خمسة وأربعين عاما من اليوم، تكتل واجتمع أكبر حشد جماهيري ناطق باللهجة الحسانية بعد المجتمع الموريتاني؛ ليعلن قيام دولة على أرض الصحراء الغربية.
كانوا قاب قوسين أو أدنى من أخذ أمرهم بأيديهم؛ فالقوة التي استعمرت أرضهم قرنا من الزمن ويزيد تكاد تسلمهم مصيرهم؛ لكن القائد الإسباني المريض فرانكو ومعه المملكة الإسبانية المنهكة؛ تم تحييدهما في آخر لحظة.
لم يكن الصحراويون حينها أقوياء بمايكفي لإقامة دولتهم. ثم مالبثوا أن اشتد عودهم وخبروا الموت في سبيل العزة والكرامة وقاتلوا وقتلوا وناضلوا وسجنوا وعذبوا وشردوا فصاروا أشداء وأكثر تمسكا بحق تقرير مصيرهم.
اعترفت بهم الأمم المتحدة كأصحاب حق واعترفت بهم الجزائر وليبيا وموريتانيا وسوريا… ثم جنوب إفريقيا ثم ثمانون دولة أخرى ثم انتسبوا لمنظمة الوحدة الإفريقية ثم شاركوا في تأسيس الاتحاد الإفريقي.
ثم أصبحت القضية الصحراوية متداولة في أحاديث القراطيس والأقلام في العالم. وتمايز مناصروها ومناوئوها عبر العقود.
وتشكل جيل من الصحراويين ولد منفيا أو لاجئا أوتحت سيطرة من يعتبرهم غزاة.
واليوم والصحراويون يحتفلون بقرابة نصف قرن من إعلان الجمهورية العربية الصحراوية؛ يحتفون أيضا في مخيمات اللاجئين في الجنوب الجزائري وفي الشتات والداخل الصحراوي بأن حقهم في تقرير مصيرهم يطفو من جديد.
يريد البعض أن يصور لنا إنهم ميليشيات وعصابات ومرتزقة ومجرد انفصاليين؛ لكن خمسة وأربعين عاما من الضحك وخمسة وأربعين عاما من البكاء هي بالضبط بداية انبلاج الحق ومغالبة المطر والسحب للصيف والجفاف.
لم تكن المملكة المغربية حين دخلت الصحراء الغربية مع موريتانيا تحمل تفويضا إلهيا في كل الأحوال؛ ولم تكن جبهة تحرير الساقية الحمراء تملك الكثير من الخيارات في نصف القرن الماضي؛ ومابين أهوال التقاسم وآلام قيام الجمهورية ضاعت حقوق وانتهكت أعراض وأزهقت أرواح وعذب أبرياء واستشهد وسجن وشرد الآلاف؛ وبقي الحق حقا والباطل باطلا؛ شعب يريد تولي أمره بنفسه دون وكيل.
لا أتصور سلاما في الصحراء الغربية لا يأخذ بعين الاعتبار حق الصحراويين في تقرير مصيرهم ونضالات الصحراويين وتضحياتهم الجسام التي يعتبر إعلان جمهورية في اللجوء بصحراء لحماده أحد أكبر تجلياتها.
الصحراويون وجبهة البوليزاريو وهم يكافحون من أجل استقلالهم ويحتفلون بإعلان دولتهم؛ يستحقون التهنئة والمؤازرة من أصحاب الضمائر الراقية في العالم ولو بشق كلمة. فلو أخذنا قليلا من وقتنا لاستجلاء القضية الصحراوية ونضالات أهلها وحجم معاناتهم لما استوقفتنا عثرات هنا وأخطاء هناك وسوء تفاهم هنالك؛ ولا علم لي بفقرة من إعلان تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية تدعي العصمة للشباب المؤسسين ولا لمن سيأتي بعدهم.
ولست على اطلاع بناموس أرضي ولا سماوي يفرض السكوت على المظلوم.
فيا أيها الشعب العربي الصحراوي المظلوم المكافح : بارك الله لكم في جمهوريتكم ورحم شهداءنا وشهداءكم ورزقنا وإياكم الأمن والعافية.
اسماعيل يعقوب الشيخ سيديا